زينب البحراني
من الطبيعي أن تتضاعف عقد الإنسان العربي بتصاعد حصار الأزمات الإنسانية، والحضارية، والاقتصادية المحيطة به، وليس من الغريب أن تزحف بقعة العقد وتتسع لتصل إلى المشهد الثقافي بمجتمعه والأفراد المنتمين إلى هذا المجتمع. ولعل من أشد تلك العقد جلدا للذات ما يسميه الإخوة في مصر «عقدة الخواجات»، وهي تسمية طريفة تطلق على كل من يغشاه انبهار حاد أمام المجتمعات والأفراد المنتمين إلى أعراق أو بلدان أجنبية يعتقدون أنها أرقى مكانة من كل ما هو عربي أو محلي.
من يتابع حروب «داحس والغبراء» الألفية الثالثة على الساحة الأدبية العربية عموما، والمحلية بوجه خاص، يلاحظ هيمنة هذه العقدة على ذائقة بعض المثقفين والنقاد إلى الحد الذي يدفع بعضهم للمجاهرة بمقاطعة كل نص أدبي يكتب بقلم محلي، والحكم عليه بأشد الأحكام افتقارا للعدالة دون مطالعته أو محاولة الاقتراب منه، والأشد غرابة وطرافة أننا نرى أدباء من الوطن ذاته يعلنون مقاطعتهم لكل ما تخطه أقلام الزملاء على درب الأدب، ويسرفون في مغازلة النصوص الأدبية الأجنبية، بينما نراهم يستميتون في دعوة أولئك الزملاء لقراءة نصوصهم هم قبل أن يسألوا أنفسهم عن السبب الذي قد يجعل نصوصهم مستحقة للقراءة ما داموا يعيشون تحت سماء البقعة ذاتها من الأرض، وفي ظل الظروف الأدبية والثقافية ذاتها!
قبل أن نتعامل مع النصوص المكتوبة بأقلام محلية بتعال وفوقية؛ يجدر بنا أن نبحث عن السبب الذي يميز ذاك الأدب عن هذا الأدب، وحين نصل إلى الأسباب سيدهشنا كم أننا نحن أيضا نعجز عن كتابة نصوص توازي مستوى تلك النصوص التي أبهرتنا، لأننا ما زلنا نفتقر إلى التحرر الروحي الداخلي، والتربية المجتمعية الناضجة، وورشات التمارين المتعلقة بتقنيات الكتابة الأدبية وتطويرها بانتظام جاد.