محمد الشيخ
لا أجد ومنتخبنا الوطني يستعد يوم غدٍ لمواجهته الودية الكبرى مع منتخب الأرجنتين في ظل أصوات رافضة، وأخرى محذرة، وثالثة مثبطة غير الترنم ببيت الشعر الشهير لأبي القاسم الشابي الذي يقول فيه:
ومن يتهيب صعود الجبال
يعش أبد الدهر بين الحفر
أترنم بهذا البيت لإدراكي بأن الانتقادات التي صبت على رأس إدارة المنتخبات منذ الإعلان عن المواجهة إنما تنطلق من روح انهزامية، ونفس يتلبسها الخوف، من جهة، وألسنة دأبت على الانتقاد لمجرد الانتقاد دون تقديم مسوغات منطقية لانتقاداتها، وإلا فلا شيء يدعو لكل تلك المخاوف على واقع الكرة السعودية، وهو الواقع الذي يكشف عن حقيقة مفادها أن أي نتيجة تحدث في سياق نتائج كرة القدم لن تؤثر على سمعة منتخبنا بعد الذي وصل له من سوء في الحال.
في ظل ذلك أتصور لسان حال المنتخب السعودي يقول قبل مواجهة منتخب "التانغو" ما قاله المتنبي: "أنا الغريق فما خوفي من البللِ"، وتلك حقيقة إذ لا شيء سيخسره المنتخب من هذه المواجهة، بل على العكس فكل ما في المباراة يدخل في حساب المكاسب، إن على المستوى الفني، أو الإعلامي، أو الاستثماري، وكذلك التنظيمي؛ خصوصاً والمنتخب السعودي لم يؤدِ مباراة في السعودية بهذا المستوى منذ وقت بعيد.
لنستحضر مباراة منتخبنا الودية مع إسبانيا التي استضافها الأخير في سبتمبر الماضي، فقبل تلك المباراة عاش بعض أنصار المنتخب ذات المخاوف، ونفس القلق، واستنسخت الانتقادات عينها التي تتلى على مسامعنا اليوم، ويومها خرجت عناوين صحفية تحضر للطامة الكبرى من نوعية "الله لا يفضحنا"، وتعليقات جماهيرية سامجة تستهزئ بجرأة المنتخب السعودي على مواجهة بطل العالم وأوربا، وما الذي حدث أثناء وبعد المباراة؟!
الذي حدث أن "الأخضر" خسر المباراة بخماسية بيضاء، ولم يكن لاعبونا نداً للاعبين الأسبان، وهو ما تكشفه النتيجة ونسبة الاستحواذ، وشكل المباراة التي كانت أشبه بتمرين خفيف لأنيستا وزملائه، كل تلك حقائق، ولكن من بين تلك الحقائق أيضاً أن المنتخب حقق فوائد فنية من المواجهة لا يمكن إنكارها، منها أنه على الأقل عاد للاحتكاك مع المنتخبات العالمية الكبرى بعد سنوات من العزلة التي فرضها الخوف من مثل هذه المواجهات من جهة، والغياب عن كأس العالم من جهة أخرى، كما حقق فوائد معنوية ليس أقلها أنها كسرت غرور اللاعبين السعوديين الذين انتفخت جيوبهم وانتفخ معها الشعور بالنجومية المطلقة.
مواجهة الأرجنتين يوم غدٍ – في اعتقادي- ستعطي ذات الفائدة الفنية وربما أكثر؛ خصوصاً وأن المعطيات التي تلعب لصالح المنتخب أكثر من مباراة إسبانيا، ولكن ومهما تكن النتيجة، فطالما بقيت في إطار الأرقام الطبيعية لمباريات كرة القدم، فهي تعد مقبولة بكل اعتباراتها، طالما تحققت من ورائها المضامين التي من أجلها لعبت المباراة.
ثمة أمر مهم يجب أن يلتفت له من ينظرون للمنتخب بتلك السوداوية قبل مواجهة ميسي ورفاقه أننا لا ننظر لمنتخبنا على أنه البرازيل فنستسهل مواجهة الأرجنتين، لكن في المقابل يجب عليهم ألا يتعاطوا معه وكأنه منتخب بنجلادش بحيث يحرمونه من مواجهات المنتخبات العالمية بذرائع لا تترجم شيئاً سوى حالة الخوف والذعر الذي يتلبسهم!
موضوع: لسنا البرازيل ولسنا بنجلادش! 
الإثنين نوفمبر 12, 2012 5:32 pm
