فاضل العماني
نحن، في نهاية الأمر، لسنا مجتمعاً افلاطونياً، ولا شعباً ملائكياً. لا، نحن لسنا كذلك، ولن نكون كذلك، بل نحن مجتمع بمختلف أفراده ومكوناته وتياراته، يعيش بشكل طبيعي، تماماً كما هي باقي المجتمعات، المتطورة أو النامية.
كثيرة، هي الملفات الساخنة التي تنتظر الحل والاهتمام من قبل المسؤولين وصنّاع القرار في الوطن، وكثيرة هي التحديات والصعوبات والأزمات التي تواجه حركة ونمو وتطور المجتمع السعودي. هذا المجتمع المثير، الذي يحسده الداني والقاصي، بما حباه الله من الخيرات والإمكانات والثروات والطاقات الهائلة، سواء المادية أو البشرية. بحق، المجتمع السعودي، يستحق مكانة تتناسب وحجمه الطبيعي، في مصاف المجتمعات المتقدمة.
نعم، قد تكون مجرد أمنية، ولكنها ليست صعبة المنال، لأننا نستحق ذلك، بل ونستطيع الوصول لذلك. فقط، لا يتطلب الأمر إلا رغبة صادقة، وإرادة جادة، ومعرفة حقيقية، وقدرة واقعية. وأظن بل أجزم بأننا نملك كل ذلك وأكثر. فقط، كيف نستخدم كل تلك الإمكانيات، ومتى نبدأ مسيرة الإنجاز والإبداع؟
قبل يومين، اسدل الستار على عام طويل وحافل بالكثير من المنجزات والمكتسبات الوطنية الهائلة، وبالكثير من التحديات والإخفاقات. تلك، هي سنة الحياة، وحركة المجتمعات الحيوية، وتلك هي المعادلة الطبيعية لأي مجتمع على وجه الأرض مهما كان حجمه ومستواه. فنحن، في نهاية الأمر، لسنا مجتمعاً افلاطونياً، ولا شعباً ملائكياً. لا، نحن لسنا كذلك، ولن نكون كذلك، بل نحن مجتمع بمختلف أفراده ومكوناته وتياراته، يعيش بشكل طبيعي، تماماً كما هي باقي المجتمعات، المتطورة أو النامية.
وكما جرت العادة السنوية، التي تُمارسها الحكومات والوزارات والمؤسسات والبنوك، وذلك بعمل كشف حساب، أو ما يُطلق عليه "جرد سنوي" لكل التفاصيل والمشاريع والملفات والخطط التي أنجزت أو لم تُنجز، أحاول عبر هذا المقال، أن أضع أمام عينيك عزيزي القارئ وأنت كذلك أيها المسؤول كشفاً بأهم 10 ملفات ساخنة سعودية، تنتظر حلولاً حقيقية، لا مجرد تسويف أو ترقيع.
الملف الأول هو البطالة التي يُعاني منها الكثير من المواطنين، في ظل توفر الفرص الوظيفية الهائلة، والفائض الكبير من الميزانية، ووجود أكثر من 9 ملايين عامل أجنبي. ولم يستطع برنامج حافز المثير للجدل، أو خطة السعودة التي لم تنجح أبداً، أن تدفع بهذا الملف للحلحلة.
التعليم، هو أحد الملفات الساخنة أيضاً، حيث يتعرض واقع التعليم السعودي بمختلف مراحله ومستوياته للكثير من النقد، بل لعدم الثقة والتشكيك، وحتى برنامج الابتعاث الخارجي الذي يُعتبر أحد أهم المنجزات الوطنية الحديثة، فإنه يتعرض للكثير من التحديات والإخفاقات.
أما الملف الثالث، فهو السكن. فلا يُعقل، أن تكون نسبة السعوديين الذين يمتلكون منازل لا تتجاوز ال 35٪، خاصة في ظل وفرة السيولة المادية التي لا مثيل لها، وكذلك توفر المساحات الشاسعة من الأراضي.
الصحة، كقطاع حيوي مهم يمس كل المواطنين والمقيمين، لا يحظى بثقة ورضا مختلف شرائح المجتمع، خاصة ذوي الدخل المحدود والبسطاء. مستشفياتنا ومراكزنا ووحداتنا الحكومية بكل أسف لا تتناسب وحجم الميزانية الضخمة التي تُضخ لها في كل ميزانية.
أما الملف الخامس، فهو قضية تمكين المرأة. فرغم كل ما تحقق للمرأة من مكاسب انتزعتها بقوة، إلا انها لا تحظى باعتراف ودعم وثقة شريكها في التنمية الشاملة. المرأة السعودية، مازالت في نظر الغالبية، مجرد تابع أو ملحق، لا أكثر.
السياحة، هذا الملف الشائك والمعقد، فرغم كل المحاولات الحثيثة والمضنية التي تقوم بها الهيئة العامة للسياحة والآثار بقيادة عرّاب السياحة السعودية الأمير سلطان بن سلمان، إلا انها تتعرض لهجمات متتالية، ومن أكثر من جهة. التطرف الفكري والديني، والوزارات والبلديات ورجال الأعمال والصحافة. الهيئة، تقوم بعمل كبير، ولكنها ليست مستقلة!
أما الملف السابع، فهو قطاع المواصلات بكل مستوياته، خاصة الخطوط الجوية، هذا الناقل الرسمي الوحيد الذي تعرض، ومازال للنقد، بل التجريح والاتهام. بصراحة شديدة، لا يمكن أن يستمر الوضع هكذا، في بلد هو أشبه بقارة مترامية الأطراف، وتتوزع مناطقها ومدنها على امتدادات بعيدة. لقد أصبح الحصول على تذكرة طيران للسفر لأي مدينة داخلية، أشبه بالمستحيل في كثير من الأحيان، لاسيما في مواسم الذروة والإجازات. ملف الخطوط الجوية السعودية، يحتاج إلى حلول جذرية وسريعة.
الشباب، هذا الملف الساخن يستحق العناية والاهتمام، خاصة وأن هذه الشريحة المهمة تُمثل أكثر من 65٪ من نسبة تعداد السكان، أي أن المجتمع السعودي، يُعتبر من المجتمعات الشابة. في هذه المرحلة الصعبة من عمر العالم، لابد من تمكين الشباب السعودي للمشاركة الفاعلة في صناعة وتنمية المجتمع.
أما الملف التاسع، فهو أكثر الملفات تعقيداً وخطورة. ملف التشدد والانغلاق والتحجر، والذي يُبشر به تيار بعينه. تيار، يسكن في الماضي بكل تشدده وتخلفه وظلاميته، ولا يقوى على العيش وسط أجواء التسامح والانفتاح والحرية.
وأخيراً، الملف العاشر، هذا الملف الذي لا أجدني متحمساً لذكره، لا لشيء لا سمح الله، ولكن لقناعتي التامة بأن القارئ العزيز، هو من يستطيع كتابته بكل صدق وشفافية.
عزيزي القارئ ما هو برأيك الملف العاشر أو الملفات الاكثر سخونة، والذي يستحق الكتابة هنا، لكي يقرأه المسؤول والمعني وصاحب القرار؟