أمثال تنفي قناعات

عبد العزيز المحمد الذكير

في عملية التطبب والعلاج قديمًا تتنازع قاطن شبه الجزيرة قناعات لا تعدو كونها نفسية، ويستعملها المرء إما قناعة من تجربة الغير أو تجربة لا تنفع ولا تضر. وقد تصادف رجلًا وضع على تورم حول عينه - ويسمونه "الجحام"، أو عين فلان "مجحّمة ". وضع عوداً صغيراً من التبن لاصقاً بطريقة أو أُخرى على موضع التورّم. اعتقاداً أن ذاك التورّم يزول. وهو يزول فعلًا إذا كان الالتهاب بسيطاً، ولكن ليس بسبب تلك القشّة (التبن)، وربما بسبب مقاومة الجسم الطبيعية.

--1- فلان ما يسقي من الساقي.

--2- فلان مثل التبنة على الجحام

الأولى جملة في اللهجة المحلية تعني أن الشخص المقصود ليس بيده من الأمر شيء. فبالرغم من كون الساقي (الساقية) قريبة ومتاحة لمن أراد الشرب أو التزوّد بالماء فهو (المقصود بالمثل) عاجز عن مساعدة طالب الخدمة.

آتي إلى الجملة الثانية.. فالجحام (بسكون الجيم) تورّم كان يُصيب العين وإذا كان شديداً فهو يمنع الرؤية لبعض الوقت، ولم يكن الناس يعرفون علاجاً محدّداً له إلاّ أن يضع المصاب عوداً صغيراً من التبن على الجزء المورّم وينتظر الشفاء. وعادة يُشفى المصاب بعد يومين أو ثلاثة، حتما ليس بسبب تلك التبنة. ونلاحظ الآن أن الجحام هذا لم يعد يظهر. لكن المُثير هنا هو قناعة العامة بعدم فائدة عود التبن ذاك في عملية الشفاء، بدليل القول الدارج والمتعارف عليه "مثل التبنة على الجحام"

وأورد لسان العرب مفردة الجحام على أنها فُصحى. ونعلم أن الكثير من القيم وأدلّة أعمالنا التي تحد وتعيق تفكير المرء وتصيب المجتمع موجود في بعض الحكم والأمثال التي يرددها الناس ويتمثلون، والبعض يلتزم بها إن لم نقل يعتقد بها في بعض المواقف في الحياة وتعتبر أحياناً كدليل وردّ قاطع لا يمكن الاعتراض عليه.. أو نقاشه، وهي في حقيقتها أقوال لا أساس لها من الصحة. وربما تعيقنا تطورًا وإبداعاً، وقد اتخذها الناس كرد جاهز على كل من يحاول التغيير أو التطوير..