اختبر وطنيتك

موضوع: اختبر وطنيتك السبت نوفمبر 17, 2012 9:09 pm

علي الجحلي

النزعة المناطقية أو القبلية أو الطائفية هي أكبر ما يهدد وجود أي دولة، والتاريخ يزخر بالكثير من الأمثلة. ذلك أن انتفاء الانتماء إلا للوطن الواحد هو المهمة الأولى لكل الحكومات، وهو ما يضمن تماسك أبنائه في وجه الأخطار التي تحدق بالوطن وتحرمه من التنفس والبقاء، وتمكِّن الأعداء منه، وتدمر كل المنتمين إليه.
نشاهد اليوم الكثير من الأطروحات العجيبة الغريبة، وعندما ندخل في عمق الطرح ونربطه بمن يطرحه نكتشف ـــ للأسف ــــ أن الوطن هو آخر الاهتمامات، وأن ''البعض'' لم يتجذَّر الانتماء الكامل للوطن داخلهم. لك يا عزيزي القارئ أن تطبق ذلك على ما تقرأ، و أتوقع أنك تستطيع أن تحدد منطقة أو طائفة البعض دون أن تقرأ اسمه أو اسمها. وعندما نتحدث عن ''تويتر'' فتلك حالة أكثر انكشافاً.
مسؤولية استمرار هذا البعد عن الانتماء الكامل غير المشوش للوطن تقع في الدرجة الأولى على الدولة، ذلك أن العناية والاهتمام بكل مكونات الوطن مسؤولية عظمى يجب أن تسيطر على فكر وعمل وقول كل مسؤول. ليس من المعقول أن نتوقع أن يكون الانتماء للوطن متساوياً بين مواطن لا يجد من الخدمات ما يجده غير في الوطن نفسه. لا يمكن أن نقبل أن يصل صوت مواطن فور انطلاقه في منطقة ولا يصل أبداً في منطقة أخرى. لا يمكن أن نتوقع أن يكون لطائفة أو مجموعة أو قبيلة الانتماء نفسه حين يؤمن أفرادها أن هناك طائفة أو قبيلة أو مجموعة أخرى مفضلة عليهم.
ينطبق المفهوم نفسه على المنطقة والتمايز الملاحظ بين المناطق في الخدمات والعناية والميزانيات. هذه مشكلة عميقة تغذيها طريقة تعامل الوزارات مع المناطق التي تبنى على السوابق ولا تهتم للحاجات والمطالبات الحقيقية.
إذن فمسؤولية الخلل في الانتماء الوطني ينميها الخلل في تعامل بعض الجهات ومسؤوليها مع مختلف مكونات الوطن. سبق أن ضربت المثل كثيراً بتلك الدول التي تسيطر عليها الروح الوطنية الشاملة كالولايات المتحدة وكندا واليابان وسويسرا، وكيف أن المواطن هناك تختفي كل خلافاته مع غيره من المواطنين عندما يتعلق الأمر بالوطن.
لكن المواطن مطالب بالحفاظ على كيان وطنه بغض النظر عن ضيق أفق البعض، أو تبنيهم لسياسات تضر بالوحدة الوطنية التي هي من أدق الأمور التي نحتاج إلى تثبيتها. المواطن مطالب أن يحافظ ويدعم الوطن الكيان والمفهوم والمقومات البشرية والجغرافية. هذا هو الأمر الأهم في قضيتنا اليوم مع كل التهديدات التي نواجهها والجنون الذي يمارس من حولنا ويستهدفنا جميعاً. لنقاوم ونرفض كل ما يخرج به علينا الكثير من ''المثقفين'' و''الأدباء'' و''الأعيان''، مما ينمي المناطقية والقبلية والطائفية، بل يتعداها للإساءة للانتماء الوطني لآخرين.
أدعو القارئ اليوم لاختبار درجة ولائه للوطن من خلال مجموعة من الأسئلة التي لا بد أن يجيب عنها كل واحد منا، مع العلم أن كلمة ''فئة'' تعني قبيلة أو منطقة أو طائفة أو حتى مدينة:
1) هل أنت معجب بالمسؤول الذي يخدم فئته قبل الآخرين؟ نعم = 0 / لا = 10
2) جاء ابن عمك بخطاب من شيخ أو كبير في فئتك يتوسط فيه لإعطائه ما لا يستحقه، هل تحترم الخطاب؟ نعم = 0 / لا = 10
3) هل تؤيد الاحتفاظ بأسماء أشخاص من فئتك للتوظيف عند توافر الشواغر؟ نعم = 0 / لا = 10
4) هل كتبت أو طالبت أو تحدثت عن حقوق شخص أو مجموعة من طائفة أو منطقة أخرى؟ نعم 10 / لا = 0
5) هل تعتقد أن ولاء فئتك للوطن أكبر من ولاء الفئات الأخرى؟ نعم =0 / لا = 10
6) هل يسعدك أن ترى أخبارا أو تغريدات تشير إلى عجز أو نقص في الخدمات؟ نعم = 0 / لا = 10
7) هل سبق أن كتبت أو طالبت بخدمات لفئة أخرى من أي جهة؟ نعم = 10 / لا = 0
هل سخرت أو تسخر من لهجة أو طريقة حديث فئة أخرى؟ نعم = 0 / لا = 10
9) هل تفضل أن تسكن في مدينة ترتبط بفئتك أم أن هذا لا يعني لك الكثير؟ نعم = 0 / لا = 10
10) هل تعتقد أن فئتك ممثلة بعدالة في مؤسسات الدولة وهيئاتها؟ نعم = 10 / لا = 0
11) هل منحت صوتك لشخص من فئتك في الانتخابات البلدية لأنه كذلك؟ نعم = 10 / لا =0
12) لو رزقك الله خيراً وأردت أن تنفذ مشروعاً خيرياً، هل تبحث عن المحتاجين بغض النظر عن موقعهم وخلفياتهم؟ نعم = 10 / لا = 0
13) هل تعتقد أن فئتك أفضل من الفئات الأخرى في الوطن؟ نعم = 0 / لا =10
14) هل تتستر على عمالة؟ نعم = 0 / لا = 10
هذا الاختبار هو في واقعه محاولة للوقوف مع الذات، وعندما نكون صادقين مع أنفسنا، تكون النتائج حقيقية وممثلة لواقعنا. هذا ليس وسيلة للحكم على أخلاقيات أو قناعات الأشخاص، وإنما يهدف لمواجهة الحقائق كما هي، برغم قناعتي أن الكثيرين لن يستطيعوا أن يجيبوا بواقعية بسبب الرواسب الاجتماعية والنفسية التي تراكمت علينا خلال قرون طويلة من الإعجاب بالفئة.
لمن حصلوا على علامات فوق 120 أقول مبروك فأنتم أفضل من الكثير من شركائكم في الوطن، ولمن حصلوا على علامات فوق الـ90 دعوة لإعادة التفكير في كيفية رؤيتهم لوطنهم ومواطنيهم من مبدأ عقلاني، ولمن حصلوا على أقل من ذلك أقول إنكم تساهمون في تعثر مسيرة الوطن وتدفعون بالعربة إلى الخلف. فلنتعاون جميعاً في حماية الوطن من كل أعدائه وأولها الطائفية والقبلية والمناطقية.