صالح إبراهيم الطريقي
في الأسبوع الماضي، فصلت المحكمة الجزائية في العاصمة المقدسة بقضية عائلة «شتمت» موظفي دولة «رجال هيئة الأمر بالمعروف» وهم يؤدون عملهم، وجاءت العقوبة: «الأب 35 يوم سجن و45 جلدة»، «الأم 60 يوم سجن و60 جلدة»، «البنت الكبرى 30 يوم سجن و30 جلدة»، «البنت الصغرى 150 يوما و120 جلدة».
في نفس الأسبوع، قضت المحكمة الجزائية في مكة المكرمة بسجن فتاة يوما و30 جلدة تلفظت ورمت حذاءها على موظفي دولة «رجال هيئة الأمر بالمعروف» وهم يؤدون عملهم.
من المؤكد أن التعدي لفظيا أو جسديا على موظف دولة يؤدي عمله يستحق من قام بهذا الجرم عقوبة أعلى من التعدي على مواطن عادي، ليس لفروقات فردية بين البشر، بل لأن الموظف ممثل لهيبة الدولة، ويجب أن تصان هذه الهيبة، فهي الكفيلة أو صمام الأمان لأمن المجتمع.
ولكن ما لفت انتباهي تلك الفروقات في الأحكام، ففي قضية العائلة جاءت عقوبة القدوة «الأب والأم» مجتمعة أقل من عقوبة الفتاة الصغرى، رغم أن التعدي ــ كما يقول نص الحكم ــ لفظي من الجميع، ومن الطبيعي حين يرى الصغير قدوته يقوم بعمل ما، أن يقلده أو يمارس عنفا لفظيا أكبر؛ لأن «القدوة» كرادع أخلاقي لهذا الصغير لم يعد موجودا أو أصبح مشاركا بالجريمة، فكيف حكم على الصغرى بعقوبة أعلى من القدوة «الأب والأم»، فيما المنطق يقول إنها تستحق العقوبة الأقل؟
الملفت أكثر تلك الفروقات بين قضية العائلة وقضية الفتاة، ومن المؤكد أن كل قضية ذهبت إلى قاض في نفس المحكمة، فاختلفت الأحكام فيما بين القاضيين.
فهل لو ذهبت قضية العائلة لنفس القاضي الذي حكم على تلك الفتاة سيختلف الحكم، خصوصا أن الجريمة واحدة، وإن بدا أن الفتاة رمت حذاءها، إلا أن العائلة «قامت بالبصق»؟
وهذا ما يجعلني أتساءل: أما آن الأوان لتقنين الأحكام في هذه القضايا، حتى لا تبدو متناقضة، فيأخذ الصغير أعلى عقوبة فيما قدوته أقل، وتأخذ الأسرة عقوبة تختلف تماما عن عقوبة الفتاة رغم أن الجريمة واحدة؟
والأهم: أما آن الأوان لإيجاد عقوبة بديلة في قضايا التعزير، التي يمكن للقضاء التعديل فيها لعدم وجود نص يوقف الاجتهاد؟
وهنا أنا أتساءل، أما الرأي فعند أهل الاختصاص.