المالية .. تسارع التنمية وتباطؤ الأداء

د. سعيد السريحي
لم يكن ينبغي لوزارة المالية أن تضع الطلاب المبتعثين ابتعاثا داخليا إلى إحدى الجامعات السعودية الأهلية في الموقف المحرج الذي وضعتهم فيه، كما لم يكن ينبغي لها أن تضطر تلك الجامعة الأهلية التي ابتعثت أولئك الطلاب إليها إلى اتخاذ ذلك الموقف الصارم والشديد القسوة من خمسمائة طالب مبتعث ابتعاثا داخليا إليها، وذلك حين ساومتهم على دفع نصف تكلفة دراستهم أو مغادرة الجامعة.
كان مقتضى القرار الذي اتخذته الدولة بإلحاق أولئك الطلاب ببرنامج الابتعاث الداخلي أن تتكفل وزارة المالية بدفع تكلفة دراستهم للجامعة التي يدرسون فيها، وهي التكلفة التي تمكن تلك الجامعة من الوفاء بمتطلبات العمل العلمي، غير أن ما حدث أن وزارة المالية لم تفِ بما كان ينبغي عليها من دفع تلك التكلفة في الموعد المحدد له، وهو الأمر الذي من شأنه أن يضطر تلك الجامعة الأهلية إلى اتخاذ واحد من ثلاثة خيارات: الاقتراض من البنوك لتوفير السيولة النقدية التي تمكنها من العمل وتحمل ما يترتب على ذلك من فوائد، أو إرغام الطلاب المبتعثين على دفع نصف تكلفة دراستهم مع وعد بإرجاع ما دفعوه حين تفي المالية بما التزمت به وتدفع للجامعة تكلفة دراسة من ابتعثتهم إليها، أو اللجوء إلى الخيار الأخير والمتثل في حرمان أولئك الطلاب من الدراسة.
المأزق الذي أوقعت فيه وزارة المالية الطلاب المبتعثين وتلك الجامعة الأهلية مأزق متكرر، ذلك أن تعثر كثير من المشاريع وعدم وفاء كثير من الشركات المنفذة بالتزاماتها يعود عند التحقيق إلى أن وزارة المالية تأخرت في صرف المستحقات لتلك الشركات والمؤسسات المنفذة لتلك المشاريع المعطلة أو التي تأخر تنفيذها.
وإذا كنا نعلم أننا ــ وبحمد الله ــ لا نشكو فقرا أو عجزا ماليا، فإن ما يحدث في وزارة المالية لا يعدو أن يكون ضربا من البيروقراطية التي يغلفها الحرص على المال العام، بينما لا تتجاوز المسألة أن تكون نتاج ترهل وتباطؤ في العمل الإداري على نحو لا يتناسب مع الإيقاع المتسارع للتنمية في مختلف المجالات.