حمزة لا بواكي له

د. مازن عبد الرزاق بليلة
الأحد 18/11/2012
لما دخل رسول الله أزقة المدينة إذا النوح والبكاء في الدور، قال ما هذا؟ قالوا: هذه نساء الأنصار يبكين قتلاهم. فقال: لكن حمزة لا بواكي له، واستغفرله، فسمع ذلك كبار الأنصار، فمشوا إلى دورهم فجمعوا كل نائحة باكية كانت بالمدينة فقالوا: والله لا تبكين قتلى الأنصار حتى تبكين عم النبي.
بالأمس، في ليلة ظلماء، وبدون تأبين، وبدون صلاة، وبدون مصلين، وبدون مقربين، وبدون كلمة حق، ودعت مكة ابنتها الأصيلة، عن 60 عاماً، توفيت، وكفنت، ودفنت في مقر ولادتها، بدون بواكي، إنها السيدة المكية العريقة، التي صمتت وتوقف قلبها عن الخفقان، وأدبرت، وتوارت حبيسة في القبر بكل حسناتها وسيئاتها، بل عبق التاريخ المكي معها.
أوقف مجلس إدارة صحيفة الندوة المكلف، الصحيفة عن الصدور في آخر يوم في السنة الهجرية المنصرمة، ويقولون الإيقاف بهدف التطوير، والإستعداد للصحيفة الجديدة، صحيفة مكة المكرمة، وهو توقف مؤقت وسوف نحدد المدة الزمنية للإيقاف بما يتناسب مع ظروف التطوير، التي لن تتجاوز الستين يوما المقبلة؟
عندما يموت أحد المشاهير، يعمل له جنازة مهيبة، تليق بمكانة هذه الشخصية، ومعزة الناس له، ويعبرون عن محبتهم له، فيخرجون في جنازته، وإذا عملت له ندوة يكونون أول السباقين لحضورها والتحدث بمآثره، والصحف تكتظ بإعلانات التأبين والعزاء، لكن صحيفة الندوة غابت ولا بواكي لها.
أسهمت صحيفة الندوة، خلال الستين عاما الماضية في خدمة مسيرة الوطن نحو العلم والوعي والثقافة، وواكبت بدايات العهد السعودي، وساهمت في بناء المجتمع السعودي الحديث، بما تنشره من آراء وأفكار ورؤى وتحليلات.
أقول لمجلس الإدارة المكلف، أولاً، سامحكم الله على نسيان تأبين الندوة، وثانياً، لو توقفت الصحيفة، فالزمن لن يتوقف، ولو توقفت آلة الطبع، لن يتوقف دوران الشمس، ولو يتوقف جهاز التحرير، سوف يكتب الزمن الأحداث في صفحة التاريخ، وتوقف الندوة، بدون جاهزية العدد البديل، توقف مخل برسالة العمل الصحفي، حتى لو كان مؤقتاً، وبغض النظر عن الاسم، فالصحيفة كصحيفة يجب أن تظل مصدر إشعاع ثقافي لا ينطفئ ولا ينقطع ولا يتوقف، وأعتقد أن على وزارة الثقافة والإعلام إلزام الجميع بذلك