“تكنو”..الكل يرغبونها و القليل يقدرونها !

هذا هو واقع حال قطاع تقنية المعلومات محليا ، وهذه هي الطريقة التي يعامل بها قطاع تقنية المعلومات من معظم مسؤولي الشركات ، على الرغم من انه لا تقوم قائمة لأي عمل تجاري او حتى شخصي دونها ، فقد اصبحت جزءا من حياتنا اليوميه، ولكن على الصعيد العملي فقد اصبحت شغلة من لا شغلة له ! ، ذلك على الرغم من خصوصية هذا القطاع والذي يجب ان لايقترب منه الا الدارسون والمتخصصون به ، فتبدلت المقولة الشهيرة من «اعطي خبزك لخبازه» الى «اعطي خبزك للنجار!» ، فماذا سيفعل النجار حينها ؟ سيذهب لاقرب خباز ويعطيه الخبز طبعا ، فهو لايستطيع «وان اراد» ان يصنعه ، بل يلجأ الى المختص بصنعه ، ويظهر هذا بشكل جلي في بعض الشركات من خلال الاعتماد على اثنين او ثلاثة من قطاع تقنية المعلومات لادارة وعمل كل شئ ! فهناك فرق بين ادارة التسيير وادارة التطوير.
والسؤال المشروع هنا لماذا تدفع بعض الشركات ملايين الريالات سنويا في تجهيز قطاع تقني به 20 او 30 موظفا والنتيجة تكون انتاجا هزيلا معتمدا على اثنين او ثلاثه من الموظفين الذين لهم اهمية فعلية، ويبقى 90% من الموظفين بلا اهمية ولا انتاجية محددة ؟
والجواب هو ان هذه هي النتيجة الحتمية لطريقة «الترقيع» التي تنتهجها بعض الشركات في هذا القطاع ، فهي إما تتجه الى شركات تقنية خارجية تدفع لها ملايين الريالات وتكون النتيجة دراسات واوراقا يمتلئ فيها درج المكتب ، وإما وضع الشخص غير المناسب في المكان المناسب !، اضف الى ذلك الى حجم البيروقراطية الهائلة في معاملات الشركات ، والذي لايستوعب السرعة الهائلة في تغير التقنية وتبدلها، فالفترة بين بزوغ الفكرة والتوقيع على قرار تنفيذها تكفي لصدور اصدار او اصدارين من اجيال البرامج والاجهزة
وقد زاد الطين بله انه وبعد سنين من عدم اهتمام بعض الشركات بقطاع تقنية المعلومات ،وجدوا نفسهم فجأة في وضع المتفرج الحائر بعدما اثبتت الاحداث القوة الهائلة للتقنية والانترنت ، فاصبحوا يسابقون الزمن للحاق بالتقنية التي مضى «صاروخها» وليس قطارها ، والحذر هنا واجب ، فليس من السهل اللحاق بهذا القطار، الا بخطوات مدروسة و رؤية عامة سليمة و خبرة للتوقع ولو جزئيا عن ما سيؤول اليه هذا القطاع في المستقبل القريب ، والتحرك بشكل مناسب في الوقت المناسب، فلا تكفي الرغبة في انشاء قطاع تقني قوي ، بل لابد من تقدير هذا القطاع وذلك بتسليمه الى المتخصصين فيه.والذي سينعكس بالايجاب حتما على اداء الشركات ، ليس فقط لمواكبة التطورات بل يتعداه الى حجم التوفير الهائل والذي يصل في بعض الاحيان الى ثلث ميزانية هذا القطاع.
د.هتان محمد زعتري- جدة