المحور الرابع
استثمار تعليم القرآن في ترسيخ الوسطية ومعالجة الغلو أثر معلم القرآن في تربية
طلابه على الاعتدال
للدكتور عبد الله بن علي بصفر
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد :
فقد من الله علينا سبحانه وأكرمنا بأن جعلنا مسلمين ، وأكرمنا بالهداية إلى منهاجه المستقيم ، ووعد من تمسك به منا بالفوز والفلاح دنيا وأخرى . قال سبحانه : ( قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) ( المائدة : 15 - 16 ) .
وقد جعل الله عز وجل هذه الأمة خير الأمم ، وآتاها من المناهج والشرائع خيرها وأبقاها ، فكانت هي الأمة الوسط من بين الأمم .
قال سبحانه : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ) ( البقرة : 143 ) .
وجاءت النصوص الكثيرة في كتاب الله ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم تأمرنا بالاستقامة على هذا المنهج الوسط ، والذي لا انحراف فيه ولا شطط ، وتنهانا عن الجنوح عنه ، أو الميل عنه لسواه ، سواء كان ذلك بغلو أو جفاء .
وفي عصرنا الحاضر فشت ظاهرة الغلو في الدين ، والفهم السقيم لنصوصه وتعاليمه ، وتطاير شرر ذلك ، واستفحل خطره وضرره ؛ فكان لزاما على رجالات الأمة كلهم ؛ علماء ودعاة ، ومفكرين وأدباء ، وأئمة وخطباء . . . وغيرهم ؛ كان لزاما على الجميع أن يتكاتفوا ، لدراسة هذه الظاهرة ، ومعرفة أسبابها ودوافعها ؛ ثم المشاركة في علاجها وقلع جذورها من بيننا .
وقد دعيت للمشاركة في ندوة بعنوان ( أثر القرآن الكريم في تحقيق الوسطية ودفع الغلو ) ، وكان الفرع الذي طلب مني الكتابة فيه هو : ( أثر معلم القرآن في تربية طلابه على الاعتدال ) ، ولم يكن بد من الاستجابة لذلك على الرغم من كثرة الأشغال ، وضيق الوقت ؟ فكانت هذه الأوراق ، التي أسأل الله أن ينفع بها ، وأن تكون فاتحة الباب لدراسات أشمل وأعمق في الموضوع ذاته . والحمد لله أولا وآخرا .
المصدر:حملة السكينة