د. عبد العزيز بن عبد الله الخضيري
مهما حاولنا التقليل من أثر الحجاج غير النظاميين السلبي في الحج نكن بذلك نخدع أنفسنا أولا ثم نخدع من ائتمننا على أداء عمل منظم يحقق الحد الأدنى من احترام إنسانية الحاج وتحقيق متطلباته الأساسية والرئيسة في الحج، وعلى رأسها النقل الآمن السليم والسريع ثم السكن الملائم لإنسانيته، ولهذا ستبقى مشكلة الحجاج الذين يقررون آخر لحظة أداء الحج دون عمل أي تنظيم لهذه الرحلة الإنسانية الدينية العظيمة، خصوصا من يصر على أداء هذه الشعيرة كل عام دون الإحساس بحقوق بقية المسلمين.
إن إثارة مشكلة الحجاج غير النظاميين وأثرهم السلبي في أعمال الحج من نقل وسكن ونظافة وإعاشة وتفويج وطواف، وما يسببونه من آثار سلبية في أعمال تنظيم الحج، خصوصا افتراش الطرق وعرقلة حركة النقل ومختلف وسائل الأمن والسلامة والخدمات وما يسببونه من إساءة لجهود المملكة العربية السعودية لخدمة ضيوف الرحمن وإساءة لجهود الرجال الذين يعملون الليل والنهار من أجل أمن الحجاج وراحتهم، يجعل إثارة هذا الأمر مهما للبحث عن الحلول السليمة المستدامة التي تحقق للحجاج النظاميين حقهم الشرعي والنظامي لأداء هذه الشعيرة العظيمة.
عندما طرحت الموضوع في مقالة الأسبوع الماضي وعقبت بطلب الحلول العملية التي تساعد على تحقيق أرقى مستويات التنظيم وتضمن للحجاج ضيوف الله أعلى مستويات الكرامة من نقل وإسكان وسائر أعمال الحج، فإنني أعي أن هذا الطلب لا يعني أبدا أن يكون مثل هذا التنظيم صدا عن سبيل الله, لأن بعض من أرسل آراء حاول جعل مثل هذا الأمر تجاوزا دينيا، ومع قناعتي وقناعة العديد ممن يتحملون مسؤولية العمل المضني في الحج أن الأمر يتطلب حسن التنظيم والحزم فيه، خصوصا مع من سبق لهم الحج, هذا من جهة، ومن جهة أخرى أن هناك نظاما تم اعتماده من قبل جميع الدول الإسلامية بتحديد نسبة لكل دولة بما فيها المملكة العربية السعودية، وهذا الاتفاق ملزم لجميع الدول, لذا فإن الأمر يتطلب تفعيله في المملكة، خصوصا كما ذكرت مع من سبق له الحج وبالذات إخواننا المقيمون في المملكة الذين يمثلون العدد الأكبر من الحجاج غير النظاميين.
إن متطلبات الحزم في عدم السماح لدخول الحجاج غير النظاميين تتطلب معرفة أسباب الحج من دون تصريح، وهذا ما يتم حاليا وعلى رأس تلك الأسباب الزيادة غير المبررة في أسعار حملات حجاج الداخل ووجود حملات حج وهمية تخدع الحجاج وتوهمهم بوجود تنظيم لهم وعند وصولهم إلى مشعر منى لا يجدون أحدا في انتظارهم، ما يجعلهم يفترشون الأرض، إضافة إلى ضيق مشعر منى، وحسب الإحصائيات الرسمية فإن الطاقة الاستيعابية لمشعر منى لا تتجاوز المليون ونصف المليون من الحجاج، ما يجعل نسبة من الحجاج النظاميين يفترشون الأرض, كما أن بعض مؤسسات الطوافة وشركات الحج لا تحترم العقود مع الحجاج ولا تلتزم لهم بما تم الاتفاق عليه, وعليه فإن الأمر يتطلب تضافر الجهود للقضاء على كل مسببات الإساءة لأداء فريضة الحج وتضعف قدرة الأجهزة المعنية بتقديم أفضل ما لديها بناء على أفضل ما يقدم لها من دعم مالي.
إن الاعتراف الصادق الأمين بكل مشاكل المخالفات في الحج ستساعد على إيجاد الحلول، ولهذا فإن الحجاج غير النظاميين بمختلف مصادرهم يعتبرون المصدر الأول والأهم لمعوقات نجاح إدارة الحج، ولهذا فإن تقديم الحلول العملية من جميع الأطراف المواطن والمقيم والمسؤول سيساعد على تضافر الجهود، ولعلكم إخواني وأخواتي القراء ستكونون العون بعد الله في تقديم أفضل الحلول التي تساعد متخذي القرار على تنظيم ذلك دون الإضرار بأحد أو التجاوز في ذلك, وآراؤكم ومقترحاتكم مهما كانت بسيطة أو صغيرة هي جزء أساسي ومهم من الحل الشامل، وأرى أن الواجب علينا جميعا أن نعين إخواننا العاملين على إدارة هذه الشعيرة العظيمة، شعيرة الحج، بما نستطيع من آراء ومقترحات حتى نحقق جميعا لهذه الشعيرة الإسلامية، التي أصبحت حدثا عالميا تضعه قنوات التلفزيون والمهتمون بإدارة الحشود وتنظيمها في أجندتهم السنوية لمتابعتها والاستفادة منها, إضافة إلى ذلك وجود العديد من الأفلام والعدسات التي ترصد كل سلبية حتى تجعلها مادة دسمة للإساءة للإسلام كما حدث في العديد من المناسبات السابقة.
آمل أن تتضافر جهودنا جميعا لتقديم الحلول لجعل موسم الحج وإدارته موسم نجاح بكل المقاييس يضمن للحاج الكرامة ولنا في المملكة العربية السعودية حسن الأداء وتقديم أفضل النماذج للعالم أجمع في حسن الاستقبال وإدارة الحشود والضيافة وسائر أعمالنا.
وفق الله الجميع لما يجب ويرضى, وشكراً مقدما لكل من يقدم رأيا يساعد على إبراز ديننا الحنيف بما يستحقه، ووطننا الغالي بما يجب أن يكون عليه.
موضوع: الحجاج غير النظاميين سلبية كل حج (2 من 3) 
الأحد نوفمبر 04, 2012 8:26 pm
