محمد العثيم
حقيقة بدأنا نرى حلولا ناجحة، وحلولا في طريقها للاكتمال، كلها ساهمت في نجاح الحج هذا العام، لكن الافتراش قضية مزمنة، والمفترشون ليسوا كلهم فقراء، فبعضهم قادرون يفضلون السير، والانطلاق بالمشاعر، تاركين حملاتهم من أجل المزيد من الشعور بروحانية الحج، بصفته رحلة في أقدس بقاع الله على الأرض، وهذا يعطي شعورا روحانيا، حتى أن بعضهم أثرياء، أو من سكان مكة يجدون الرحلة نزهة في المشاعر، وكل هذا مدروس ومعلوم في الجهات الرسمية، والتعامل معه يحسن أن يكون من منطق فكرة الحاج نفسه وعواطفه ومشاعره، ونظرته الخاصة لحجه، لا منطق التنظير في التنظيم خارج الواقع فمنع الافتراش ثبت أنه غير ممكن لعقد من الزمان، أو مستحيل.
لذلك أقول إنه لا حل قريبا للافتراش لعلاقته بمعتقد حرية الأماكن المقدسة، ومقترحي لحل هذه المشكلة ليس جديدا، ولكنه من الواقع، وهو إيجاد ساحات، وممرات حرة مرتبة لمتسكعي الحج والمفترشين، وهي ساحات، وممرات، وأرصفة آمنة، ومظللة في فراغات الأرض في المشاعر، تحت سيطرة نظامية، يوجه لها الحاج غير المنتمي لحملة والمفترش، وتكون في أماكن قريبة من نهايات محطات النقل وتحقق رغبة هؤلاء في حج حر منطلق دون قيود الحملات، أو مصروفاتها الباهظة، ولكن تحت نظام واضح، ومجانية حتى لا يضار فقراء المسلمين بمنعهم من الأماكن المقدسة والمشاعر، ويكون لهم نظام بالحركة والتفويج يناسب وضعهم الحر.
متفقون على أن الافتراش في صورته الحالية يسيء لتنظم الحج ويجهض الجهود لجعل الحج بشكلها الحضاري الذي يلائم قدسية المشاعر؛ لكننا أيضا غير متفقين على فكرة تسوير المشاعر، والسماح فقط لحملات الحج، فحملات الحج لا يقدر عليها الكثيرون، وعلينا البحث عن حل ملائم ينهي فوضى الافتراش، ويتيح لهذه الفئة فقراء وغير فقراء مساحات معينة تحت نظام توجه إليها، وتحقق رغبتهم في حياة منطلقة لروحانية المشاعر.
تسوير المشاعر لحمايتها ليس مشكلة، لكن منع فئة من الناس من الحج، وعدم إتاحة مكان لهم أمر غير صحيح، ولا منطقي في شعيرة دينية، وإن بدأ سهلا في أي سياحة أخرى فالحج له قدسيته وتعود المسلمون من كل الأقطار الحج دون عوائق.
أعود لأقول إنه ليس كل المفترشين فقراء وإن كانت فئة منهم كذلك لكنه سلوك لم يجد التنظيم ولم يخصص له مكان، وبحل مشكلة تخصيص أماكن محددة للافتراش وتنظيمه تحل المشكلة وهي ليست صعبة، ولتبقى حملات الحج، ومن يتاجرون فيها بأغلى الأسعار كما هي، ومن يريد حجا حرا فليأخذ فرصته.
موضوع: لا .. لتسوير المشاعر 
الأحد نوفمبر 04, 2012 8:28 pm
