خالد الطويل
حجز برنامج (واتس اب)، وهو برنامج تفاعلي يقدم خدمة التراسل الفوري وبقوة موقعه بين البرامج التفاعلية الشهيرة مثل (فيسبوك، وتوتير) التي ما زالت تتسيد مشهدنا التواصلي. وربما تفوق الواتس اب على تلك الوسائل بكسر حاجز النخبوية.. وقربه من نبض الشارع حيث يمكن تركيب ذلك البرنامج على معظم أجهزة الهاتف التي يستخدمها الكثيرون، إضافة إلى تعدد مزاياه حيث يوفر للمستخدمين إضافة لخدمة الرسائل، إمكانية إرسال الصور والرسائل الصوتية وملفات الفيديو والوسائط.
والواتسيون هم شريحة عريضة منهم من لم يتعود ربما حتى على الجلوس أمام شاشة الكمبيوتر.. وقد باتت تلك الشريحة تتسع.. وتؤكد حضورها وحراكها بشكل لافت عبر تلك المنصة المتعددة الاستخدامات.. وأصبحنا اليوم نسمع بمجموعات (واتسيه) - إذا جاز لنا التعبير - اجتماعية وثقافية وطبية وحتى عائلية، إضافة إلى من حول ذلك البرنامج إلى قناة خاصة يتواصل فيها مع أحبته وأصدقائه كل حسب طريقته وثقافته ولغته.
وفي حين يرى البعض أن الوتس اب كشف عن جوانب سلبية في نشره أخبارا وشائعات غير صحيحة.. إضافة إلى جوانب سلبية أخرى ليس آخرها التكرار الممل للمعلومات التي تنقل من خلاله - وهي سلبية لا تخلو منها جميع وسائل الإعلام الجديد - إلا أنه في جانب آخر كشف عن وجود أصوات جميلة ومبدعة لديها من الأفكار والرؤى والتجلي ما يمكن النظر فيه، وربما كان لخصوصية واتس اب إلى حد ما دور في بروز تلك الأصوات التي لم تتعود الظهور والحديث في المحافل العامة ولم نألفها في الوسائل الحديثة.. في حين وجدت في الواتس اب وسيلة ميسرة للهمس في أذن من تحب.. وربما لم تعلم أنها كشفت لنا عن وعي كبير يمكن استثماره بشكل يتجاوز منصات ذلك البرنامج المحدودة.
وإذا نظرنا من زاوية اجتماعية بحتة.. نلاحظ كيف خلق ذلك البرنامج مجالس عائلية خاصة إعادة شيئا من حميمية العلاقات التي بتنا نفقدها في ظل مشاغل إنسان اليوم التي أبعدته عن التواصل حتى مع أفراد أسرته وأقربائه.. وقد منح ذلك التطبيق فرصة للبعض لكي يبث همومه وشجونه وأحلامه بين من يحب ويأنس به وفي ذلك فرصة للمعنيين للوقوف على طبيعة المشكلات الاجتماعية وتحليلها والخروج بحلول ناجعة.
لا أتصور أن النقاش اليوم سيكون إيجابيا حول منع تلك الوسيلة والتقنية التي وفرت لنا سرعة في التواصل وتجسير المسافات، كما يرى البعض ممن تعود التوجس دائما من كل جديد بقدر ما نحتاج فعلا إلى استثمارها واحترام ما يدور فيها من أفكار ورؤى ناهضة وإبداعات تعبر عن وعي وفهم من شأنه أن يسهم في رقي المجتمع، ومهم جدا في هذا السياق المعالجة الهادئة.. والهادفة للجوانب السلبية التي لا تخلو منها أي وسيلة تفاعلية.
موضوع: «الواتسبيّون».. يكسرون «النخبوية» في المشهد الثقافي 
الإثنين نوفمبر 05, 2012 10:30 am
