بتال القوس
هزازي ومنصور اشتبكا، المولد أشار بحركة لا أخلاقية، كيال جاء مسرعا وطب في وسط المعمعة يؤدي دوره الإداري كما قال – على الأقل – رأينا ظهره في الصورة ويداه تمتدان إلى شيء ما. سقط العقال والشماغ ولم يسقط، وخرج بحاجب مجروح ووجنة مدماة، وتصريح جميل وصف ما تعرض له بإنه إصابة عمل.
بعد المباراة، قال هزازي الكبير: لقد شتموا أمي، وعاري، ووصفوني بأقذع الألفاظ. ثم رد رئيس الأهلي على إبراهيم الذي مثل الأهلي سبعة أعوام قائلا: نعرف أخلاقه جيدا، ولا نستغرب ما حدث منه.
خارج حدود الكاميرات، أو تحت الهواء، راجت أخبار لا أعرف صحتها، أحدها يقول إن واحدا على الأقل من عائلة هزازي، اشتبك مع واحد على الأقل من عائلة الموسى، وإن أفرادا من جمهور الأهلي اشتبكوا مع نظرائهم في المدرج الأصفر. في وقت متأخر أيضا بعد المباراة جاء خبر يقول إن إعلاميين ينتمون للناديين تبادلوا كلمات السباب والشتائم بعد المباراة وسط حرم المركز الإعلامي لأبناء السلطة الرابعة. على "تويتر" ميدان المعارك الجديد، وحتى اللحظة ما زالت كلمات جارحة ومهينة تتردد من إعلاميين ومشجعين من الجانبين إلى بعضهما، وإلى إبراهيم هزازي وأسامة وكيال، وفهد بن خالد، وأسماء أخرى في الجانبين، استدعي فيها كل قاموس الشتائم الشوارعية والجنسية والبهيمية والعبثية، بلا رادع ولا وعي يؤطر الأخلاق.
كل ما حدث خطأ. هذه ليست جديدة، أيضا المطالبة بتفعيل القانون ومعاقبة المتسببين ليست فكرة خلاقة، لكن ما أود أن أشير إليه اليوم هو أن هناك جدارا فاصلا كان موجودا بين ردة فعل الجماهير وتأثيرها في اللاعبين، ذاب وتلاشى، واختلط بغيابه الحابل بالنابل، فلم تعد تعرف مَن يؤثر في من؟ أما كيف تهاوى هذا الجدار، فإليكم تحليلي المتواضع:
مع وجود وسائل الإعلام الجديد التي تسمح بتلقي ردة الفعل مباشرة، أصبح اللاعب تحت دائرة الضغط، حتى في منزله وسط أسرته، وأصبح ما يتلقاه من ردود فعل مصدرها ناقد مثقف، وناقد متسرب إلى الوسط، ومشجع واع، ومشجع شوارعي، تتساوى في ميدان الإعلام الجديد، خاصة إذا ما خضعت لتقييم لاعبينا الذين يتسم أغلبهم بالثقافة المتواضعة، غير القادرة على التقييم والتقويم، والتفريق بين حديث صادر عن مشجعين تقودهم العاطفة ولا يملكون وعيا، وبين ناقد واع يهاجمه العاطفيون أيضا لأنهم لا يصدقون أن هناك أحدا يختلف عنهم.
ردة الفعل الجماهيري كانت في المدرج فقط، لا تصل إلا بنزر يسير إلى اللاعبين، هكذا كنا سابقا. اختلف الوضع الآن، أصبح المشجع يصل إلى نجمه عبر وسائط الإعلام الجديد بعد دقائق من نزوته العاطفية، أصبح المشجع مؤثرا بقوة في اتجاهاته السلبية التي تريد الانتصار لنفسه ولفريقه غير آبه بما يسمونه وعي أو مسؤولية عامة، بل إن هذين الأخيرين لا أسهل عليه من تسطيحهما بكلمة واحدة.
حتى يتقبل اللاعبون الخسارة، ولا تخرج منهم الإساءة، وتظهر أخلاق الفرسان في الرياضة، عليهم أن يفرقوا بين ما يقرأونه من مشجع متحمس غير مسؤول، وما يجب أن يفعلوه كنجوم يضطلعون بمسؤوليات اجتماعية عالية ومؤثرة قبل مهامهم الرياضية.