في الأدب أو قلته!

ندى الطاسان

المشهد الأول؛

الزحام القاتل عند المستشفى وفوضى السيارات والبوابات المغلقة تحتم عليها حركة استباقية حيث توجه السائق بالوقوف في مكان بعيد وتكمل طريقها مشياً على الأقدام حتى لا تتأخر على موعدها مع الطبيب. عند خروجها مع أطفالها بعد إنهاء الموعد وهي تنتظر السيارة وسط زحمة الداخلين والخارجين يلتفت إليها أحدهم "تكسي تكسي" لترد بأدب:"شكراً يا أخوي ما أحتاج"، يرتفع صوته وهو يحادث زميله باحثا عن زبون آخر وش تقول ذي:"شكراً.." ويضحكان وكأنها قالت كلمة غريبة خارجة عن قانون التعامل بين الغرباء.

حين حكت الموقف لصديقتها ردت الخبيرة بسيارات الأجرة لكثرة استخدمها لها بكل أنواعها بأن القانون غير المكتوب هو أن تتجاهلي سؤاله أو تنظرين له بازدراء! ولا أعرف ما مدى صدق القانون غير المكتوب هذا!

المشهد الثاني؛

أمام مصعد مزدحم يقف مع زميله في أول صفوف المنتظرين، يتوقف المصعد لتأتي مجموعة من النساء متجاوزات الزحام ومتجاهلات طابور الرجال المنتظرين ويحاولن الدخول للمصعد يمسك بالباب وهو يفسح الطريق بأدب تنظر إليه إحداهن قائلة بصوت عال:"وش تبي أنت" وكأن وجوده داخل المصعد مقصود كي يفسد مزاجها، سحبه زميله داخل المصعد قائلا بصوت عال:"خوذي المصعد التالي يا خالة نحن ننتظر منذ مدة قبلكم"!

ركب المصعد وهو مستغرب من سوء ظن السيدة به رغم أنه تعامل معها بأدب واحترام!

المشهد الثالث؛

مع موظف البنك لمراجعة خطأ في حوالة قام بها هذا الموظف المثالي الذي يخطئ للمرة الثانية والثالثة والرابعة لينسى حرفا أو ينسى رقما، أخيرا تم إنهاء الحوالة ليلتفت الموظف على زميله متذمرا بصوت عال وبكلام خارج عن الأدب من هذا الزبون الذي أزعجة من أجل تحويل مبلغ ألف ريال وكأنه يؤدي خدمة خاصة خارجة عن مهامه الوظيفية وكأن الموظف الكريم أعلى مستوى من العميل الذي انتظم بأدب لينهي معاملته ويتحمل التأخير بسبب أخطاء الموظف غير المدرب وغير المسؤول! صديقه أخبره عن سر التعامل مع الناس قائلا:"فيه ناس ما يفهمون كلمة لو سمحت ومن فضلك"!

المشهد الرابع؛

السيدة أمام "الكاشير" بالسلة الممتلئة بالمشتريات، يأتي ثلاثة شبان فرحين بالبالطو الأبيض والرداء الأزرق وشعار الكلية التي يدرسون فيها وهم يحادثون الموظف بلهجة آمرة كي يدفعوا ثمن العصير الذي اشتروه متجاهلين السيدة التي وقفت في الطابور قبلهم وبدون أن يستأذنوا منها. السيدة نظرت لهم واسمعتهم محاضرة عن الآداب العامة! وعن احترام الدور ولن أحتاج أن أنقل لكم الحوار بل أتركه لتخيلكم.

المشهد الخامس؛

حادث بسيط جعلها تنظر داخل السيارة المظللة، وسائقها في الخارج ينهي إجراءات بلاغ لاصطدام، سيارات مسرعة يخرج أحدهم رأسه من شباكها ليصرخ بكلمات بذيئة نحو المتصادمين بدون سبب، تتبعها قهقهة عالية من زملائه في السيارة الفخمة جدا! أتعجب من الأهالي الذين ينفقون هذه الأموال على سيارات فخمة ليتجول بها أبناؤهم ولا يستثمرون الوقت ولا الجهود لتربيتهم على احترام الآخرين واختيار ألفاظهم!

الخلاصة نختصرها بسؤال؛ هل لدينا مشكلة تعاملية وعدم تطبيق لآداب التعامل؟