عبدالرحمن الخريف
خلال السنوات القليلة الماضية أصبح معظم المتداولين يتابعون إقفالات السوق الأمريكي بسبب الربط الذي رُسخ في أذهاننا بين سوقنا والسوق الأمريكي مع أنه يتحقق فقط بمسارعة سوقنا بالانخفاض والتجاهل لأي ارتفاعات قوية يحققها السوق الأمريكي الذي على الرغم من الأزمة العالمية والديون وخسارة شركاته تجاوز خلال الفترة الرئاسية الأولى "لأوباما" قمته التي كان عليها قبيل الأزمة العالمية 2008م، بينما سوقنا الذي تربح شركاته ويتمتع اقتصاده بسيولة عالية ومشاريع ضخمة لم يتفاعل مع تلك الارتفاعات!
لقد كان واضحاً أن التعامل مع الأزمة المالية التي عانى منها الشعب والشركات الأمريكية كان له دور حاسم في الانتخابات بإعادة انتخاب الرئيس مع أن الحلول كانت وقتية وعبر طباعة الدولار والمزيد من الديون والذي نجحت إدارته في تأجيل فتح ملفاتها المقلقة بوصولها (16.7) ترليون دولار، ولذلك فالمتوقع بعد انتهاء الانتخابات أن تبدأ موجة جديدة للأزمة الأمريكية (قد تتزامن مع ملفات أوروبية مؤجلة) ببحث مواضيع حساسة بالاقتصاد تتطلب قرارات قد تكون قاسية ومؤثرة على الأسواق المالية ومنها سقف الدين العام والضرائب والبطالة والتضخم والذي يؤثر أيضاً بشكل أكبر على الدول المرتبطة بالدولار، لكون سعر الدولار مع الأزمة والتيسير الكمي (طباعته) كان سينحدر بشكل كبير لولا الأزمة الأوروبية التي أضعفت اليورو والأهم دعم كبار المستثمرين الأجانب لرقم استثماراتهم بالعملة الأمريكية!
انه بسبب هذا الربط غير المنطقي بوضعه الحالي والتباين في المرحلة السابقة بين السوق السعودي والأسواق العالمية وتحديداً السوق الأمريكي فإن عام 2013م قد يكون عاماً ساخناً وخصوصا مالياً، مما يستوجب أن تكون لدينا رؤية مستقلة للأحداث المتوقعة لأسواق عالمية متضخمة وعبر إيقاف الربط الذهني الذي أضر بأسواقنا المنخفضة كطارد للسيولة وأحرق أموال المستثمرين، فالربط مع الأسواق الأمريكية في الانخفاض قد يكون مقبولاً في حال انخفاض أسعار النفط وكميات التصدير إلى أقل من تقديرات الميزانية، لتأثير ذلك على الإنفاق الحكومي واضطرارنا لتسييل الاستثمارات بأقل من قيمتها الدفترية لسد العجز أي تحقق الخسارة وليس كالوضع الحالي الذي ننعم فيه بسيولة عاليه، وبحيث يتم إيقاف نزول الأسعار عن المستوى الاستثماري لمنع التلاعب والضغط على المحافظ الممولة بالتبرير بأن السبب نزول الأسواق العالمية! وكذلك مجاراتها في حالة الارتفاع خاصة وأن معظم شركاتنا رابحة وأقل مكررات من شركات عالمية لتوفير نطاق سعري استثماري ومضاربي مقبول! ولأن سوقنا لم يستقر في مستويات معقولة استثمارياً فانه يجب أن نوجد قيادة مستقلة تمسك بزمام الأمور وتستبق الحدث وتنحو بسوقنا عن أي تقلبات قد تحدث بأسواق العالم التي تتربع أسواقها حالياً على قمم متضخمة لا تستند على أساس اقتصادي ومالي موثوق بل على قروض مرتفعة الفائدة وتصريحات وآمال مسؤولين بدول تعاني أساساً من خلل اقتصادي كبير وتضخم للديون وبطالة وانكماش في الاقتصاد قد تتهاوى أسواقها مع أي بيانات اقتصادية أو مالية، فالتدخل لقيادة سوق تتميز شركاته الكبرى (على الأقل) بنمو وأرباح عالية يختلف عن سوق منهار كما في أوروبا وأمريكا، لكون المحافظة على استثمارات وأموال موطنين وشركات أمن للدولة والصندوق الاستثماري من ضخ أموال في شركات مفلسة غير مضمون فاعليتها واستعادتها! ولذلك قد تكون مشكلة سوقنا في تبعات نجاح النموذج الأمريكي في الفترة الرئاسية الأولى بتدخل الدولة المباشر لإنقاذ بنوك وشركات أمريكية من الإفلاس مع أن ديونها ضخمة، حيث لم يمنعها ذلك من الإقراض وتملك الحكومة لنسب ملكية عاليه بتلك الشركات وبأسعار متدنية، والمشكلة أن الحكومة الأمريكية باعت معظم أسهمها التي أنقذت بها تلك الشركات المتعثرة بعد ارتفاع أسواقها بأرباح عالية! فهل من اشترى تلك الأسهم الضخمة بالأسعار العالية كان يأمل في الاستثمار الآمن لمن يملكها؟ أم أن من يملكها ستتضاعف خسارته في محفظة يديرها ومحافظ أخرى تدار له؟!
موضوع: السوق الأمريكي بعد الانتخابات 
الجمعة نوفمبر 09, 2012 11:16 pm
