شبكة الاخلاص الاسلامية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

شبكة الاخلاص الاسلامية

منتدي اسلامي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 إعصار ديمقراطي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ساعد وطني




المساهمات : 1248
تاريخ التسجيل : 26/09/2012
الموقع : K.S.A

إعصار ديمقراطي  Empty
مُساهمةموضوع: إعصار ديمقراطي    إعصار ديمقراطي  Icon_minitimeالأحد نوفمبر 11, 2012 10:22 am



إيان بوروما
لا شيء قد يعيننا على تركيز أذهاننا مثل الأزمة الكاملة. لقد سمعت كما سمع الملايين غيري في مدينة نيويورك الإعصار ساندي وهو يرج نوافذ منزلي ويقصف أبوابه. والواقع أنني كنت أكثر حظاً من كثيرين، فقد اكتفى الإعصار بهذا بالنسبة لمنزلي.

ظل الخبراء لسنوات عديدة يحذرون من أن مثل هذه العواصف قد تسحق البنية الأساسية الحضرية العتيقة في المدينة. وبالفعل تدفقت المياه المالحة إلى أنفاق المترو المفتوحة. وتسبب الضرر الذي لحق بإمدادات الطاقة الكهربية في تحويل ثلث مانهاتن إلى حالة من الظلام غير مسبوقة منذ دخول عصر الحداثة، وهذا عن نيويورك فقط. وفي أجزاء من ولاية نيوجيرسي، بات المحظوظون الذين ظلت بيوتهم قائمة معزولين بأنهار من مياه الصرف الصحي غير المعالجة المتلاطمة عند أبوابهم.

لا أحد يستطيع أن يجزم عن يقين بأن هذه العاصفة بشكل خاص كانت ناجمة عن الانحباس الحراري العالمي، ولكن كل الخبراء تقريباً يجمعون على أن التأثيرات المترتبة على ذوبان الجليد القطبي وارتفاع مستويات سطح البحر من شأنها أن تجعل العواصف في المستقبل أشد سوءا. ورغم هذا فإن أياً من المرشحين للانتخابات الرئاسية الأمريكية لم يكلف نفسه في حملته الانتخابية عناء ذِكر العواقب المأساوية التي قد تترتب على تغير المناخ.

وبهذا المعنى، كان التعامل مع إعصار ساندي أشبه بالتعامل مع العنف المسلح. فطوال موسم الحملة الانتخابية ــــ وعلى الرغم من العديد من حالات القتل الجماعي التي حظيت بتغطية إعلامية كبيرة أثناء هذه الفترة ــــ لم يُبد الرئيس باراك أوباما ولا منافسه مِيت رومني أي رغبة في مناقشة مشكلة القوانين التي تسمح لأي شخص تقريباً في العديد من الولايات بحمل أسلحة قاتلة ونشر الموت من حوله عشوائيا.

وهناك ما يُقال في تبرير هذا الموقف، فقد تسبب هذا النوع من الساسة الذين يفرضون على الناس التضحيات من أجل الوصول إلى المدينة الفاضلة في المستقبل في تكبيد البشر قدراً هائلاً من المعاناة في خدمة مجموعة متنوعة من الأفكار المثالية المستحيلة. الأفضل للجميع إذن أن نلتفت إلى حاضرنا. بيد أن تأجيل درجة ما من التخطيط للمنفعة الجماعية في المستقبل لمجرد تحقيق الإشباع الفوري الآن قد لا يقل مأساوية وخطورة عن الانغماس في مخططات خيالية.

كان سلفيو برلسكوني واحداً من هذه الشخصيات. والواقع أن مِيت رومني يداعب هذه المشاعر أيضا، ولو على نحو أكثر اعتدالاً وأقل بهرجة: فهو يعرف كيف يدير شركة استثمارية، فلم لا يدير الحكومة الفيدرالية الأمريكية إذن؟

ولكن هؤلاء الساسة من أصحاب الثراء الفاحش لهم في الممارسة العملية مصالح ورغبات شخصية يلاحقونها. والواقع أن برلسكوني أدار إيطاليا كما يدير شركاته بالفعل: أو كأنها أملاك إقطاعية خاصة، فيرقي المقربين، ويرهب المنتقدين، ويدفع للناس مبالغ ضخمة من المال في مقابل ولائهم الخانع. وبعد مرور عامين منذ وقع زلزال لاكويلا في عام 2009، والذي قتل المئات من الناس، فإن شيئاً لم يحدث لإعادة بناء المدينة، على الرغم من الموجة الأولى من الدعاية المثيرة التي أظهرت برسلكوني وهو يرتدي خوذة رجل إطفاء ويتولى المسؤولية شخصيا.

الواقع أن هذه الترتيبات كانت بالفعل سبباً في تمكين الصين من بناء مدن كاملة في غضون أعوام، هذا فضلاً عن خطوط السكك الحديدية فائقة السرعة، ودور الأوبرا، والملاعب الرياضية، والمتنزهات الصناعية، والسدود الضخمة، وغير ذلك الكثير. كما نجحت الصين في انتشال الملايين من الناس من براثن الفقر، وأصاب هؤلاء من ذوي الاتصالات السياسية المناسبة الثراء الفاحش.

ولكن الافتقار إلى الشفافية الذي يميز هذا النوع من الحكم الاستبدادي كان أيضاً السبب وراء الفساد الهائل والأخطاء الفادحة، ناهيك عن العلامات المتزايدة الدالة على الخراب البيئي. هذا فضلاً عن سياسة اليد الغليظة في إخراس المنتقدين الصينيين للحكومة، أو حتى هؤلاء الذين يرغبون ببساطة في الإبلاغ عن الأخطاء أو المخالفات: فيعتدى عليهم بالضرب في أقسام الشرطة، أو تصدر في حقهم أحكام قاسية بالسجن، أو حتى يقتلون.

ولعل الإعصار ساندي يحفز المواطنين والساسة الأمريكيين على التعامل مع قضية تغير المناخ بجدية ــــ وتنفيذ السياسات العامة الرامية إلى حماية المدن والسواحل الأمريكية. وإذا كانت هذه هي الحال بالفعل فلا يسعنا إلا أن نتمنى ألا تكون هذه الأزمة المحفزة أتت بعد فوات الأوان.

خاص بـ «الاقتصادية»

حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2012.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.facebook.com/ksa.amn
 
إعصار ديمقراطي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شبكة الاخلاص الاسلامية :: منتدى الصوتيات و المرئيات-
انتقل الى: