سيكولوجية التهيئة للزواج

د. نجلاء أحمد السويل
يعتبر الاستقرار عاملا من عوامل نجاح الحياة الزوجية وهذا الاستقرار لا بد أن يكون موجودا بمفهومه الإيجابي وهو شكل من أشكال الأمن الأسري المبني على التفاهم وتحقيق الواجبات ونيل الحقوق وليس المقصود به ذلك الهدوء القائم على فتور العلاقات بين أفراد الأسرة أو لنقل الاستقلالية السلبية المعتمدة على ابتعاد كل فرد عن الآخر باعتبار إيمان كل منهم أن له حياته الخاصة وحدوده التي ليس من حق أقرب الناس مشاركته فيها.

و لعل ذلك الاستقرار الإيجابي والذي تتمثل من خلاله علاقات رائعة هو الذي يصنع معنى الديناميكية الفعالة بين الأفراد، وعندما تكون تلك العلاقة يكون معها تحقيق مفهوم الإنتاج، وهذا يعني أن مفهوم الإنتاج لا يقتصر على مجالات صناعية أو تجارية فحسب بل إن المفهوم نفسه يتحقق أيضا على الحياة الأسرية عموما والزوجية بشكل خاص، ويعد اتخاذ القرار من أسس نجاح الحياة أو فشلها وكلما كانت العلاقة بين الزوجين أقوى سجلت كثير من الحالات تفاهما إيجابيا لتلافي حدوث مشكلة وهنا أيضا، فالتنازل مطلوب حتى تستمر الحياة بشكل أفضل، حيث إن هناك جوانب في الحياة ربما لا يستطيع الإنسان التعايش معها، ولكن في المقابل فإن هناك الكثير من حالات الطلاق سجلت ولا تزال تسجل لأسباب شديدة البساطة أو السطحية، وهذا يعني أن الطرفين هنا أو أحدهما قد اتخذ قرارا تبنى عليه أمور مختلفة ومتعددة قد تكون غاية في السلبية والمشكلة تتركز منذ البداية في عدم توعية كل من الشاب والفتاة بالحقوق والواجبات الزوجية والتي لابد من مراعاتها في مقتبل الحياة الزوجية وتختلف قنوات التوعية من جوانب نفسية إلى جوانب اقتصادية وجوانب اجتماعية وغيرها من الجوانب الأخرى، وانطلاقا من ذلك فمن الخطأ أن تتعلق أحلام الفتاة في أمور بسيطة ربما لا تتجاوز حفل الزواج أحيانا وربما أيضا يخيل لها أن الزوج من المفترض أن يكون مصدرا لتحقيق المتطلبات المادية وفي أحيان أخرى أيضا تنعكس حياة الفتاة السلبية في بيت أسرتها على حياتها فتحاول بشتى الطرق والوسائل أن تنتقم في حياتها الزوجية وتعتقد أن زوجها يجب أن يرسم وفق ما تتخيله فقط وليس وفق ما يحققه وجوده من استقرار وتفاهم، ولا شك أن أشكالا كثيرة من أشكال الطلاق تتعدد أسبابها تثير الدهشة في بعض الحالات، وقد مرت عليّ حالات نفسية حادة كنتيجة من نتائج الطلاق حيث كانت لديّ قبل فترة بسيطة حالة حاولت الانتحار أمام أطفالها بسبب طلاقها الناتج عن الأخطاء الفادحة التي ارتكبتها وحالات أخرى مختلفة، لذا تظل التوعية بعد المدرسة أمر غاية في الأهمية حتى الشاب يحتاج إلى ذلك عندما لا يستطيع أن يدرك معنى الحوار مع زوجته أو عندما يتعامل معها بالضرب والحرق والحبس ويعكس أمراضه النفسية عليها. إذا في النهاية نحن في حاجة إلى أسر مستقرة، والمجتمع لكي يتطور يحتاج إلى قواعد متينة تتمثل في الأب والأم والتربية التي يصنعانها في عقلية الأبناء وهذا هو التحقيق الحقيقي لمفهوم الإنتاج.

» سيكولوجية فن إدارة الحشود البشرية