يوسف الكويليت
ماذا بقي من زعامات ورث بعضها ما بعد عهد الاستعمار وآخرون قاموا بانقلابات عسكرية وعدا الممالك والحكومات التي توارثت السلطة من أزمنة طويلة فإن السلطات التي نشأت في ظل الثنائية الكونية التي غيرت معالم القوى التقليدية، ليحل بديلاً عنها الاتحاد السوفييتي الأممي والشمولي، والغربي الذي ورثته أمريكا من بريطانيا وفرنسا لنرى الوضع العربي في حالة اضطراب.
كان الزعيم التونسي أبو رقيبة متقدماً عن غيره في سن القوانين المتقدمة على الدول العربية، عندما حاول مزج الثقافة والدساتير الفرنسية بالتونسية فوسع دائرة حقوق المرأة بما لا تجده عند غيره، ومع ذلك لم يكن الحكم ديموقراطياً، ولكنه الأفضل بين الجمهوريات الأخرى.
في مصر كان لعبدالناصر حضور عربي ودولي كبير بعد حرب السويس لكنه أضاع فرصاً بإقدامه على الوحدة ثم الحروب واستيراد الفكر اليساري وفرضه وشطحات حول دول عدم الانحياز وتحرير العالم من الاستعمار، وهذا كله جاء على حساب التنمية الوطنية في النفخ في كير الإعلام والتعبئة العامة فيما سماه (عبدالله القصيمي) الظاهرة الصوتية ونفس الأمر مع الأسد الأب والقذافي وصدام وعلي عبدالله صالح وحسني مبارك وابن علي، والذين وإن افترقت أفكارهم ونهجهم في الحكم، طرأ مبدأ التوريث كعلامة جديدة لزعامات الجيل الثاني، ودكتاتوريات عائلية حصرت نفسها بالطائفة والأقرباء والمحاسيب مما شكل أحزمة للحكم بنت ذاتها على إهمال كل شيء مما جعل الفساد ينتشر، وبلداناً غنية تتحول إلى خط الفقر.
القفزة الثانية جاءت مع الربيع العربي الجديد فقد استبدل الثوار الذين لا يملكون منهجاً إلا صوتهم وإثارتهم الشارع تحت هدف إسقاط السلطة وقد تحقق ذلك ليأتي لصالح التيارات الإسلامية الأكثر تنظيماً واتساعاً على الشارع وهذا أثار جدلاً واسعاً بين أسلمة هذه الأنظمة أو تحقيق أمنية الدولة المدنية الديموقراطية وهذا الفراغ السياسي والعقدي لأنظمة تلائم أصحاب الاقليات من قوميات وأديان وأعراق، خلق ضغطاً على الأمن الوطني حيث انتشرت الفوضى بين التظاهرات والاضطرابات وضياع هيبة الأمن وتحول ثقل الديون والأزمة الاقتصادية والمالية إلى البحث عن مصدر معوّض نتيجة نقص المداخيل مما ضاعف البطالة وشح بالموارد الغذائية، وهذا أمر طبيعي طاله الانتقال المفاجئ أسوة بما جرى بثورات عالمية أخرى، لكنه ليس مبرراً أن تظهر تناقضات وخلافات لا علاقة لها لا بما قبل الثورة أو ما بعدها حين تتصاعد المطالب لما هو فوق قدرة الحكومات الراهنة لأن التغلب على مصاعب عقود طويلة من البيروقراطية والفساد ثم ما تسببت به هذه الثورات من استنزاف احتياطياتها وقلة العائد بسبب الحالة الأمنية، فرض أن يكون هناك فهم واضح بين الفرقاء لإيقاف الحراك غير المنظم، لإدارة الدولة بما يتفق وهذه المرحلة للتغلب على نتائجها السلبية، أو استمرار الحالة المعقدة والصعبة.