د. نعيمة إبراهيم الغنّام
يحدد كل مجتمع أولوياته طبقا لظروفه وأوضاعه الخاصة، لكن كل المجتمعات مع كل الاختلافات الثقافية، تتفق أن الأطفال هم المستقبل، والتعليم هو الأهمية الأولى قبل أي شيء آخر، لأن تطور التعليم وجودته يضمن مستقبلا أفضل للوطن، وحياة اجتماعية أكثر استقرارا وتعاونا للجميع،
لا خلاف إذا على أولوية التعليم خاصة بالمراحل الأولية التي أصبحت إجبارية بكل بلاد العالم، لكن للأسف الشديد وصل الأمر بالمدارس الأهلية بالمملكة العربية السعودية لحد الخطورة، فقد كشف تقرير جديد لهيئة حقوق الإنسان عن تدني مستوى المدارس الأهلية، وقد رصد التقرير عدم صلاحية البيئة التعليمية ببعض تلك المدارس، وأن أغلب المدارس الأهلية بنيت بهدف تحقيق أكبر عائد مادي ممكن بصرف النظر عن جودة المخرجات،
هذا التقرير يؤكد واقعيا ما رددته أكثر من مرة بهذا المكان مطالبة بما عاد الهيئة لتطالب به، إخضاع المدارس الأهلية لشروط وقواعد صارمة، ورقابة مستمرة ومتنوعة، فهل يتم ذلك؟ ومن المسؤول عن هذه الحالة الخطرة، وأنا هنا أقصد الخطر بالمعنى الحرفي وليس مجرد سلبيات
ونبه التقرير إلى سلبيات بغاية الخطورة، فالبيئة غير المناسبة «البيئة الطاردة» تتركز بمراحل التعليم الأولية، وهي المراحل التي تحتاج لبيئة جاذبة للأطفال، بل إن بعض المدارس تمارس العمل بمبان مستأجرة غير معدة من الأساس كمدارس، هذا التقرير يؤكد واقعيا ما رددته أكثر من مرة بهذا المكان مطالبة بما عاد الهيئة لتطالب به، إخضاع المدارس الأهلية لشروط وقواعد صارمة، ورقابة مستمرة ومتنوعة، فهل يتم ذلك؟ ومن المسؤول عن هذه الحالة الخطرة، وأنا هنا أقصد الخطر بالمعنى الحرفي وليس مجرد سلبيات، فخبراء التعليم يعرفون جيدا أن بناء شخصية المواطن، وتحدد علاقته بالمجتمع تصل نسبتها بمرحلة الطفولة إلى أكثر من 50%، ومرور مرحلة الطفولة بمدارس غير مناسبة، وأدوات تعليم منفرة للأطفال، يعني خسارة من الصعب تداركها، وكما ذكرت لكم منذ أسابيع قليلة، أن التعليم وهدف الربح من الصعب أن يلتقيا، لذلك فحق التعليم يقع كاملا كمسؤولية على عاتق الحكومة، وهي المسؤول الأول والأخير، فحق التعليم ليس مجرد حق شخصي بل هو حق مجتمعي أولا وأخيرا، وأعتقد أن هناك مشكلة كبيرة في رؤية بعض المسؤولين عن التعليم بالمملكة، فهدف التعليم خضع خلال العقد الأخير لتشويه كبير، حيث تم الربط تعسفيا بين التعليم وحاجة سوق العمل، في حين أن هدف التعليم هو بناء شخصية المواطن عن طريق منظومة كاملة من مدارس، ومعلمين، ومناهج، ووسائل تعليمية، وإدارة واعية لديها رؤية شاملة وأهداف محددة وواضحة، التعليم ينقل الوعي المعرفي تدريجيا للطفل الذي سيتحول قريبا لمواطن يفيد المجتمع ويستفيد منه، ينتمي له ويحيا همومه وأحلامه، مسلحا بالعلم، والمعرفة، وبهذا السياق العام يجب أن تنظم الحكومة التعليم الأهلي وتشرف عليه بشكل مستمر، والوقت هو أحد العوامل الحاسمة، فما يمر لا يعود، فماذا نحن فاعلون؟ تناولت وغيري من الكتاب هذا الموضوع أكثر من مرة، وجاء تقرير الهيئة ليؤكد ما ذهبت إليه واقعيا وكشف عما حذرنا منه، والموضوع أكبر وأخطر من الصمت وقد وضع التقرير لهيئة مكافحة الفساد، واختصاص الهيئة كما يعلم الجميع هو الجانب الرقابي ماليا وإداريا، ولا أشك في قيام الهيئة بدورها، لكن الأهم هو الجانب الفني المسؤولة عنه وزارة التربية والتعليم ، فالتعليم قضية قومية ووطنية بالأساس، أتمنى ألا يطول الصمت، وننتظر الرد.
موضوع: المدارس.. «الدكاكين»!! 
الأحد نوفمبر 11, 2012 1:23 pm
