حتى «أسوارة» حول المعصم لن تجدي!

د. إحسان بوحليقه
كيف «يتسرب» مئات الآلاف من الحجاج حتى تجاوز الرقم 1.5 مليون شخص؟ أي ما يعادل حمولة 30 ألف باص، وبنسبة 1 إلى 1 تقريباً بين حملة التصاريح وسواهم من حجاج الداخل!
ماذا يعني هذا؟ أن ثمة عدم انضباط في مكان ما؟ قصتنا والانضباط ليست مرتبطة بموسم الحج فقط، بل في كثير من الأمور الأساسية والتفصيلية، تبدأ بالمحافظة على النظافة ولا تنتهي بأننا لا نسوق سياراتنا بـ»ذرابة». ولهذه الظاهرة حل واحد لا بديل له: الحزم في تطبيق القانون واللوائح دون هوادة بغض النظر عمَّن يُطبِّق أو مَنّ يُطَبَّق عليه أو مكان التطبيق مدينة كانت او بلدة أو قرية أو هجرة أو زمن أو موسم التطبيق.. الاتساق. نعم، الاتساق أساسي الأهمية وإلا كيف يصبح الناس كأسنان المشط! واقعياً، ستجد دائماً من يسعى لاختراق النظام ويجهد ليبين أنه حالة خاصة وأن ظروفه استثنائية، ونجاح أي أحد في تحقيق اختراقات من هذا النوع هي بمثابة اختراق للقانون، فتلك الاختراقات تشجع على المماطلة والمفاصلة بل وتمنح المسئول التنفيذي الحكومي سلطة تقديرية واسعة وهذه يجب ان تكون في أضيق الحدود وضمن ضوابط مقننة.
الاتساق في التطبيق شرط مطلوب لكنه ليس كافياً، فمتوقع من المسئول الحكومي أن يكون متسقاً في تطبيق النظام فلا فرق لديه بين زيد أو عبيد أو ليل أو نهار أو شمال أو جنوب أو شتاء أو صيف. ومسئولية البقية الانضباط، أي الرضوخ للقانون باتباعه طوعاً نصا وروحا والتعاون مع من يطبقه.. كأن نتبع النظام من تلقاء أنفسنا في: المرور والسلامة، ولا نذهب للحج الا والتصريح في اليد، ولا نصيد الربيان الا في الموسم، ولا نستخرج تأشيرات بقصد المتاجرة بها، ولا نتستر على وافد..الخ.
هل نعاني من خلل في تطبيق النظام من الجانبين: جانب المسئول المناط به التنفيذ ، وجانب الأشخاص المتوقع منهم الانصياع للنظام وعدم بذل أي جهد لتعطيله او الالتفاف عليه او القفز من فوقه أو الزحف من تحته؟ نعم نعاني. وما المشكلة إذا كنا نعاني من خلل في تطبيق النظام والانصياع له؟ المشكلة ان ذلك يسبب عدم تكافؤ الفرص ومعاملة الناس بتفاوت وفوق كل ذلك ضياع الوقت والمال والجهد.. وفي هذه الأجواء قد نجد أن الخاسر هو المسئول الصارم في التطبيق فهو في نظرنا «حقنه» و»نشبه»، وإن كان مُفَرطاً سماه المنتفعون منه «سمحاً» و»أجودياً»! والحقيقة أننا جميعاً نخسر مجتمعاً وأفراداً!.