ليست تسمية الائتلاف السوري المعارض مهمة، وليس توصل مجموعات من المعارضة السورية ـ في الدوحة أمس ـ إلى اتفاق بإنشاء "الائتلاف الوطني السوري لقوى المعارضة والثورة"، خطوة حقيقية إلى الأمام، إلا في حال صار هذا الائتلاف هو الهيئة التنفيذية الوحيدة بعيداً عن تحزبات لا تحتملها المرحلة، ولا تخدم أهداف الثورة، ولا تنقذ الشعب السوري مما هو فيه من مجازر يومية، وتشرد وهجرات جماعية.
إن من المهم بعد توقيع هذا الاتفاق النظر إلى المستقبل بعين جديدة لا ترى الأطماع الشخصية، ولا تعترف إلا بالمصلحة الجمعية لوطن يئن، وشعب ينزف.
المجلس الوطني السوري كان يرفض تجاوزه، أو إنهاء دوره بوصفه الكيان السوري المعارض الرئيس منذ بدايات الثورة، وله ذلك لو كانت الأوضاع تحتمل، بيد أن التطورات على الأرض، واختلاف المرجعيات والنزعات السياسية، تحتم على رؤوس هذا المجلس تجاوز الأنا الجمعية المحدودة، من أجل الأنا الوطنية الشاملة؛ ذلك أنه لا سبيل إلى إسقاط النظام ـ وهو الهدف الذي تتحد عليه جميع الأطراف ـ إلا باتحاد العمل والقيادة وتحديد الأطر، وتمثيل هذه القيادة لجميع الشرائح السورية.
الخطوة التي يتحتم أن تلي توقيع الاتفاق، هي توحيد العمل العسكري في مواجهة جيش النظام، وتوحيد المجالس العسكرية المختلفة، لتعمل تحت قيادة واحدة، تستطيع جمع أشتات الجهد العسكري، وتحويلها إلى خطط استراتيجية تحقق الهدف بأقل الخسائر، وخلال أسرع وقت.
اليقين هو أن نجاح هذا الاتفاق خطوة نحو تشكيل الحكومة الانتقالية، سواء أكان ذلك بالتوافق، أم بالانتخاب، فالمهم هو وجود حكومة انتقالية مهيأة، لئلا يصبح سقوط النظام مدعاة للفوضى أو التقسيم، أويكون سببا في تهيئة الأرض السورية لدخول الدول والجماعات المتربصة بسورية.
الواقع لا يحتمل أي تحفظات شكلية، والوقت لا يتسع للمزيد من الخلافات، فالوطن السوري، والشعب النازف، يحتاجان إلى تنازلات تطرح الأطماع السياسية، وتضع ـ نصب الأعين ـ الأهداف السامية التي ثار من أجلها الشعب، وضحى في سبيلها بالكثير... والكثير.