اميمة الخميس
عندما خرجت المرأة لدينا إلى العمل فإنها خرجت عزلاء, خالية الوفاض من القوانين والتشريعات التي من الممكن أن تحمي هذه التجربة وتدعمها وتحافظ على مكتساباتها, فحتى الآن لم توجد قوانين تساويها بزملائها في مايتعلق بالحصول على الترقيات ورئاسة الأقسام والبدلات والانتدابات, مع قصر مدة إجازات الوضع والأمومة وغياب أماكن الحضانة الملحقة بالعمل, أيضا غياب التشريعات الصارمة الرادعة التي تتعلق بالتحرش والاستغلال, وهي تشريعات جوهرية أجمعت عليها جميع القوانين والمنظمات الدولية ولا بد أن ترافق المرأة وتحميها طالما اختارت أن تنزل إلى سوق العمل.
وحتى إن وجدت هذه التشريعات فإنها لا تفعل ولا تطبق على أرض الواقع وهي غير ملزمة تماما كالمادة 158 من نظام العمل الشهير الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/51 وتاريخ 23/8/1426ه التي ألزمت كل صاحب عمل يشغل 50 عاملة فأكثر أن يهيئ مكاناً مناسباً يتوافر فيه العدد الكافي من المربيات لرعاية اطفال العاملات الذين تقل اعمارهم عن 6 سنوات, والذي مابرح حبرا على ورق ولم يطبق لدى غالبية القطاعات التي توظف النساء.
وكأنه هنا المجتمع يعاقب المرأة بطريقة خفية وغير مباشرة على اقترافها الخروج من المنزل والاعتداء على الصورة الذهنية النمطية التي اعتادها لربة المنزل.
وأعتقد أن جزءا كبيرا من هذا الغياب والتغييب يرجع إلى غياب النساء انفسهن عن مواضع صنع القرار وصياغة القوانين, مع ندرة الصوت الذي يعبر عن حقيقة حاجتهن ويتقصى عمق همومهن ليسعى إلى فتح القنوات التي من الممكن من خلالها ايجاد المخارج والحلول والتشريعات التي تخلق مناخا ايجابيا ودودا حول المرأة العاملة.
نحن الآن نترقب التوصيات التي ستخرج من مؤتمر الطفولة المبكرة الذي يقام في جامعة الأميرة نورة, ونأمل أن تتحول إلى قوانين ملزمة لعدة أسباب:
- كونها مؤسسة أكاديمية نسوية كبرى لذا هي من خلال المؤتمر تقوم بدورها المتوقع في تبني قضايا المرأة والطفل وبلورتها ومناقشتها بطريقة علمية وأكاديمية, مع تقديم الحلول والتوصيات لأصحاب القرار, بشكل يستطيع أن يتجاوز جزءا من الحصار الإداري حول المرأة, ذلك الحصار الذي غيبها عن مواطن صناعة القرار المتعلق بها وبشؤونها لفترات طويلة.
- أيضا في جامعة نورة وداخل الكليات التربوية تحديدا هناك طاقات أكاديمية هائلة وخلاقة وقادرة على القيام بالدراسات والبحوث وصياغة التصورات والحلول التي تدعم وتحمي الفضاء الذي تعمل به المرأة.
- تفعيل الدور المطلوب والمتوقع من الجامعات بحيث لا تتحول إلى قوالب أسمنتية ومبان مغلقة على مجموعة من النظريات والمعارف المنقطعة عن محيطها, بل تؤدي الدور المتوقع من الجامعة كجزء فاعل ومحرك بل قائد للتقدم التنموي والحضاري.
ومع هذه الإرادة والوعي باستطاعتنا أن نحمي تجربة النساء في سوق العمل, ونحمي أطفالهن, وأيضا نحمي اقتصادنا من خلال الاستثمار في اليد الوطنية المدربة.
موضوع: من يحمي النساء؟ 
الأحد نوفمبر 11, 2012 5:32 pm
