سليمان بن عبدالله الرويشد
مما يجعل معظم القضايا المتصلة بقطاع الإسكان تبدو أكثر تعقيداً هو تعدد العوامل المؤثرة في أوجه وجوانب هذا القطاع، الاقتصادية منها أو الاجتماعية أو العمرانية أو خلافها، لذا نرى هناك في الغالب تنوعاً في السياسات التي يتم تبنيها لمواجهة تلك القضايا التي يفضي تعددها إلى عدم إمكانية القول بأن اتباع واحدة من أي من تلك السياسات كفيل لوحده بتجاوز أي أزمة يمر بها هذا القطاع الخدمي والأساسي في ذات الوقت.
ولعله من منطلق الخشية أن يؤدي تشتت المؤسسات المعنية بتطبيق هذه السياسات أن تكون غير متكاملة أو مترابطة ومنسجمة مع بعضها أو ربما متناقضة، تتبنى كثير من الدول وضع إستراتيجية شاملة لقطاع الإسكان، وذلك من أجل أن تتيح لها هذه الإستراتيجية التحرك خارج إطار تأثير تلك السياسات التي يتم تبنيها، ومن ثم إمكانية التأكد من سلامة التوجه الجاري الأخذ به، وتكامل حزمة تلك السياسات مع بعضها البعض في في تحقيق الأهداف التي رسمت من أجل ذلك.
إن السياسات في مجال الإسكان كما هو الحال في السياسات العامة الأخرى التي يجري إتباعها تعكس في الواقع جملة من المباديء والقواعد المعمول بها والمنفصلة عن بعضها البعض وغير المترابطة في إحيان كثيرة، قد يكون من بين تلك السياسات ما جرى تبنيه حديثاً مثل سياسة دعم مؤسسات وجمعيات الإسكان الخيرية، وقد يكون مما تم الأخذ بها منذ وقت طويل مثل سياسة تقديم القروض السكنية للمواطنين، ولأن سوق الإسكان بوجه عام ذو ظروف متغيرة من حين لآخر، تظهر تلك السياسات تبعاً لهذا الأمر غير متوافقة مع المرحلة أو المراحل التي يمر بها ذلك السوق وبالتالي قد لا يلبي البعض منها الغرض الذي نشأت من أجله، مثل سياسة تقديم القروض لترميم المساكن، أو متناقضة مع بعضها في التطبيق مثل سياسة توفير الوحدات السكنية لشريحة من المواطنين وفي ذات الوقت مساواتهم مع الشرائح الأخرى في الحصول على القروض الحكومية لامتلاك مساكن، لذلك فإن مراجعة تلك السياسات والتأكد من ملاءمتها للمرحلة التي يحددها الإطار الزمني للإستراتيجية أمر في غاية الأهمية، يضاف إلى ذلك أن تبني وضع تلك الإستراتجية يعتبر عنصراً أساسياً في توسيع دائرة المؤسسات والأجهزة المعنية بقطاع الإسكان التي ستشملها تلك الإستراتيجية بالدراسة وذلك من أجل معالجة أوجه الخلل في قطاع الإسكان بصورة شاملة، لأن الحلول التي توضع لمواجهة تحديات وقضايا قطاع الإسكان تتطلب مشاركة العديد من الجهات ذات العلاقة، سواء في مجال التخطيط أو التمويل، أو التنفيذ، أو خلاف ذلك، من القطاع العام أو الخاص أو حتى المؤسسات غير الربحية، من ذلك يتبين أنه لا يمكن لآلية أخرى خلاف هذه الإستراتيجية من أن تلم شتات هذا الشمل، وتجمع بالتالي كافة الأطراف على طاولة واحدة لمناقشة وبلورة السياسات بصورة شاملة ومتكاملة في قطاع الإسكان.