أحمد عبد الرحمن العرفج
عِندَما كَتبتُ مَقالي الأسبوع المَاضي بعنوَان: (أُلقي "السَّلاما" عَلى الحَبيبة "مَامَا")، تَفاعل النَّاسُ مَعه تَفاعلاً فَاقَ حَدَّ التَّوقُّعِ، فانهَالت عَليَّ الرّدودُ -مِن هُنا وهُناك- وهَذه إحدَى بَركَات السيّدة الوَالدة "الأُم"، رَزقني اللهُ وإيَّاكم حُسنَ البِرِّ بأُمهَاتِنا، وآبَائِنا، ورَحمَ اللهُ مَن مَاتَ مِنهم..!
ولَعلَّ مِن أبرَز التَّعليقات؛ مَا كَتبه الصَّديقُ العَزيزُ "عبدالباسط رضوان" في "تويتر"، حَيثُ قَال: (العَرفجُ يَكتبُ مَقالاً عَن الأُم؛ يَسيلُ حَنَانًا أكثَرَ مِن سيولِ جُدَّة)..!
أمَّا البروفيسور المُتخصِّصُ بالشِّعرِ والعروضِ؛ الصَّديقُ الدّكتور "عبدالرحمن السماعيل" فيَقول: (هَذه مَقالةٌ رَائعةٌ، لَامَسَت في نَفسي المَشَاعرَ نَفسها؛ التي أوحَت بهَا إلى قَلمِكَ الجَميل، فأنَا لَم أشعُر بالفَقدِ، كَما شَعرتُ بِهِ حِين فَقدتُ أُمِّي -رَحمها اللهُ- فقَد أحسَستُ حِينها أنَّ فطَامي الحَقيقي تَمَّ في الخَامسة والأربعين، لا في الثَّانية، حِينَها فَقدتُ جَمالَ كُلِّ شَيءٍ، ودَخلتُ في نَفقٍ يُبتذلُ فِيه كُلّ شَيءٍ.. لَك تَحيّتي واحترَامي)..!
أمَّا الزَّميلُ العَزيزُ "خالد البوعينين" فيَقول: (لله درّكَ "أبَا سفيان"، فتَحيةٌ صَادقةٌ لأُمِّكَ التي صَنَعَتكَ لنَا، وجَعلها اللهُ نورًا لَكَ تَمشي بهِ في الدُّنيا والآخرَة)..!
أمَّا آخَرُ المُعلِّقين فهو زَميلُ درَاستي الجَامعيّة؛ الدّكتور "المرابط المجتبى الشنقيطي" إذ يَقول: (د. أحمد تحيّة وَرديّة.. أُتَابعكم -رَغم المشَاغل- وأنَا مِثلكم أحسبني عَاملاً مِن عُمَّال المَعرفة، لَكنّ مَوضوعًا كمَوضوع اليَوم؛ لَن أتركه يَمر مِن غَير تَعليقٍ، وأنتُم -دَومًا- تُهيّجون ذكريَاتنا، وتُثيرون الحُبَّ الكَامنَ في دَواخلنا؛ لهَذه الإنسَانة العَظيمة الغَالية "أُمِّي".. فالأُم يَا صَديقي: إكليلٌ مِن الوَرد، يَظلُّ مُتفتِّحًا عَلى هَامةِ كُلِّ رَجُلٍ، فإذَا مَاتَت ذَبل فَجأةً، وأذكرُ أنَّني غَرّدتُ يَومًا -في إحدَى تَغريداتي- وقلتُ: "جَلستُ يَومًا مَع أصحَابي فقَالوا: فليتمَنَّ كُلُّ وَاحدٍ منّا أُمنيةً! فتَمنيّتُ أنا أن يُعيدَ اللهُ "أُمِّي" إلى الدُّنيا؛ لأبرَّها أحسَنَ البرِّ وأكمَله"..!
يَا عَزيزي أحمَد: تَتنَاقص سَعادتنا عِندَما تَغيبُ مِن أبجدياتنا ثَلاثة حروف هي "أُمِّي"!! يَا لَهَا مِن تَعاسة؛ عِندَما لا تَنطق "الشّفاه" حروف "أُمِّي"..!
عِندَما مَاتت أُمِّي -رَحمها الله- تَذكَّرتها فقُلتُ:
تَذكَّرتُ أُمِّي حِين عَشاؤهَا
فطَارت بِي الأشوَاق في الشَّرقِ والغَربِ
وقَالت لِي الأحزَان هيت لنَا فَتَى
ولَفَّت برَأسي لَافتَات مِن الشَّيبِ
سَلمت أنَاملك)..!
حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!
بَقي القَول: لَم يُبقِ لِي الأحبَابُ شَيئًا لأقوله، وهَذه مِن فَضائِل الكِتَابة عَن الأُم، لذَا أقول لَكُم مَع السَّلامة..!!