بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المسلمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين .
أنا الآن أتحدث وهذه معلومة ليست جديدة عليكم فأنتم تقرؤون ما أكتب ، ولأجل ذلك أحببت أن أقول لكم : إن عنوان برنامجنا هذا : الحوار الزوجي الناجح . ومثلما أنا أتحاور معكم فنحن نتكلم في هذا الموضوع وهو الحوار ، وقد حضرت في إحدى المرات مؤتمراً وكانت الدراسات والأبحاث في هذا المؤتمر على أن أكثر المشاكل الزوجية بسبب سوء الحوار ، وأعلى نسبة للطلاق على مستوى العالم بسبب سوء الحوار بين الزوجين ، بل الغريب في هذا المؤتمر أنهم طرحوا دراسة وهو أنه حتى الخلافات والحروب التي تحدث بين دولة ودولة بسبب سوء الحوار ، فنحن اليوم نحتاج إلى لحوار الناجح وربما في صغرنا لم نتربَّ بشكل صحيح أو نتحاور بشكل صحيح ، بمعنى أن أفهم نفسية الطرف الآخر سواء زوج أو زوجة وبالتالي ألبي له حاجاته فمن خلال الحوار يحدث عندنا الانسجام ويزداد الحب .
الحوار الزوجي الناجح نحن بحاجة إليه فمن الكلمات التي كنت أسمعها في صغري في المدرسة أنه كلما دخل علينا المعلم ورآنا نصرخ ونلعب ونشاغب يقول لنا : سكوت ، سكوت يا أولاد . فتخيلوا عندما كنت صغيراً كم مرة سمعت كلمة : سكوت . هل سمعتها مئة أو مئتين أو ألفاً أو ألفين أو مليوناً ؟. فإذا كان الشخص من صغره وهو يسمع : سكوت ، اسكت ، لا تتكلم فأنت لا زلت صغيراً . هذه الوسائل كلها تحطم التعبير والحوار عندنا ، كما أني أذكر أن الدرجات التي كنا نأخذها في مادة التعبير في المدارس لم تكن درجات عالية جداً ؛ لأننا لم نكن نملك المفردات في الحوار وهذا ينعكس على العلاقة الزوجية ، ولذلك يحتاج الإنسان في هذا اليوم أن يتعلم الحوار ، يحتاج أن يتعلم مهارة الحوار الزوجي الناجح ، ولا تستغربوا فهذا الموضوع مهم جداً ولذلك من خلال هذا البرنامج سوف نتناول عدة مواضيع :
الموضوع الأول : أنواع الحوارات الزوجية . وكلنا نعرف أن الحوارات تنقسم إلى قسمين : حوار خارجي ، وحوار داخلي ( الحوار النفسي ) وسوف نتكلم بالتفصيل عندما نصل إلى هذه الفقرة .
الموضوع الثاني : مراحل الحوارات النفسية .
الموضوع الثالث : مشاكل وحلول تواجه الإنسان أثناء حواراته النفسية . وسوف تقرؤون في الحوارات النفسية قصة أبي شنب مع زوجته كيف صارت عندهم مشكلة وكيف استطاعوا أن يعالجوا هذه المشكلة من خلال الحوار ، وأبو شنب هذا اسم رمزي وهي قصة شخص واقعي لكني سميتها أبا شنب لكي لا يربط أحد في ذهنه هذه قصة من .
الموضوع الرابع : هل الحوار لا بد أن يكون بالكلام بين الزوجين ، أم من الممكن أن يكون هناك وسائل أخرى يحدث فيها الحوار ولا يكون فيها كلام ؟.
الموضوع الخامس : مستويات الحوار الخارجي . وهي عبارة عن خمسة مستويات : الأول التحية والسلام ، والثاني الحقائق ، والثالث والرأي ، والرابع المشاعر ، والخامس الحاجات . وسوف نضرب لكم أمثلة في هذه المستويات الخمسة ، وبعدها سوف نتدرب كيف يكون كل واحد منا ناجحاً في حواره مع الطرف الثاني .
الموضوع السادس : مجالات الخلاف الزوجي . فمثلاً أنت أيها الزوجي بماذا تتكلم مع زوجتك ؟ ذهبت إلى البيت الساعة التاسعة أو العاشرة فبِمَ تتحدث مع زوجتك ؟ في أي مواضيع ؟. وأنت أيتها الزوجة بماذا تتحدثين مع زوجك إذا أتى الظهر ؟. هذا ما سنناقشه في مجالات الحوار الزوجي .
الموضوع السابع : المقص . هناك قواعد نتعلمها تقطع الحوار الزوجي وتقصه ، وسنسمع عن هذه المقصات ونحاول قدر الإمكان أن نبتعد عنها .
الموضوع الثامن : ما الفرق بين الإنسان الرجل والإنسان المرأة ؟. وأنا لا أقصد الإنسان لكن هو رمز للحوار كيف الزوجة تحاور وكيف الزوج يحاور ؟، كيف يتكلم الرجل مع زوجته ؟، وهل هناك فرق عندما يتكلم الرجل مع زوجته أو الرجل يتكلم مع الرجل ؟، وهل هناك إذا الزوجة تتكلم مع زوجها أو الزوجة تتكلم صديقتها أو أختها أو أمها ؟. وسوف نتعلم مع بعض كيف يمكن أن نتغلب على هذه الفروقات حتى نحقق الانسجام والمحبة بين الزوجين .
الموضوع التاسع : أصعب لحظات الحوار .
الموضع العاشر : حديث النبي r مع زوجته المشهور وهو حديث أبي زرع ، وسوف نقرأ هذه القصة مع بعض وننظر إلى لحوار في بيت النبي r .
الموضوع الحادي عشر : الكلمة الحلوة . ونحن اليوم كلنا نحتاج إلى الكلمة الحلوة .
الموضوع الثاني عشر : قصة الملك .
الموضوع الثالث عشر : مشكلة الرجل الصامت الذي لا يتكلم الذي قلب بيته إلى مقبرة . هذا الرجل الصامت سوف نناقش موضوعه وسوف نعرف لماذا هو صامت ، وهل تستطيع الزوجة أن تغير زوجها من رجل صامت إلى رجل عنده حوار ناجح أو لا ؟. وسوف نفرق بين رجل صامت وبين رجل من بني صامت وما الفرق بينهما ؟. هذه كلها سوف نقرؤها مع بعض ، وسنطرح تمريناً اسمه : كيف نفك اللسان المربوط ، ونطرح خمسة وعشرين وسيلة كيف نجعل الرجل الصامت يتكلم .
الموضوع الرابع عشر : نتكلم عن تمرين - نحتاج فيه إلى ورقة وقلم - اسمه : التنقيب عن البترول . ونحتاج إلى أن يكون كل واحده معه كمامات ونظارة سوداء ولبساً خاصاً لأن البترول سيخرج وهذه مشكلة كبيرة .
الموضوع الخامس عشر : الكلمات التي تحطم الزوجين . هناك كلمة لو قالتها الزوجة لزوجها فإنها تحطمه نفسياً ما هي ، وهناك كلمة لو قالها الزوج لزوجتها لحطمها فما هي ؟. سوف نقرؤها سوياً .
الموضوع السادس عشر : مشكلة الزوجة الثرثارة التي تتكلم كثيراً كيف يمكن أن يتعامل زوجها معها ؟. مثلما تكلمنا عن الرجل الصامت الآن نتكلم عن المرأة الثرثارة ، فنعطي للرجل خمسة وعشرين وسيلة كيف يتعامل مع المرأة الثرثارة .
الموضوع السابع عشر : تمرين اسمه : هل أنت مستمع جيد ؟.إذا كلمتك زوجتك هل أنت تسمعها أم لا ، وكيف تسمعها ؟. وإذا الزوج كلَّم زوجته هل زوجته تستمع إليه استماعاً جيداً أو لا ؟.
الموضوع الثامن عشر : ما الفرق بين إذن المرأة وإذن الرجل ؟. بمعنى الاستماع بني الجنسين .
الموضوع التاسع عشر : هل استفدتم من هذا البرنامج حتى ننمي الحوار الزوجي مع بعض .
الخاتمة : سوف أذكر قصصاً صارت بعدما كنت أدرب هذه الدورة كيف تغيرت بيوتٌ في الحوار ، ومعي رسائل مكتوبة بخط اليد سوف أقرؤها عليكم ، كي نعرف أن المادة التي سوف نتكلم فيها مادة غزيرة جداً وعميقة ، ولو سمعها أي إنسان وحاول أن يطبقها فأنا مستعد من الآن أن أعطيها شهادة بأن حياته الزوجية سوف تتغير مئة بالمئة .
أنواع الحوارات الزوجية
الحوارات الزوجية تنقسم إلى قسمين : حوار خارجي ، وحوار داخلي نفسي . الآن وأنا أكتب وأتحدث مع القارئ صار عندي حوارٌ نفسي ، أقول في قلبي : لا أعلم الآن هل الزوج يقرأ الآن أو الزوجة ، أو الزوجين مع بعض ، أو الزوجين وأولادهم ؟. أنتم الآن لا تعلمون عنه وهذا هو ما يُسمى الحوار النفسي وهو حوار لا يسمعه أحد إلا نفس الشخص وهو يتكلم عن نفسه ، أما الحوار الخارجي مثلما أكلم غيري فأقول له : كيف حالك ما هي أخبارك . ونحو هذا فهو حوار خارجي بمعنى أنه مسموع ، ونقسمه إلى ثلاثة أقسام :
القسم الأول : حوار الإنسان مع رب العالمين . الإنسان يتكلم مع ربه وهذا حوار خارجي ويتكلم مع الله بحوار نفسي ، لكن ليكن تركيزنا على الحوار الخارجي ، ومن أمثلة ذلك عندما أدعو فأقول : اللهم ! اغفر لي ، وارحمني ، وعافني واعف عني . وكذا عندما أصلي وعندما أقرأ قرآناً هذه كلها عبادات عندما أفعلها فهي بمعنى أني أتكلم مع الله وهذا حوار خارجي ، وابن القيم ~ لما ذكر هذا المبحث سماه : ( الهواتف الربانية ) . بمعنى أن الإنسان يهاتف رب العالمين فيتكلم معه حواراً خارجياً .
القسم الثاني : ما يحدث بيني وبين الناس . كما أتحدث أنا معك أيها القارئ بما تقرأ ، ومثلما تكلمون أصحابكم وأصدقاءكم والأم والأب والأهل والأولاد والخادمة هذا كله يُسمى حواراً خارجياً .
القسم الثالث : الحوار الذي يكون مع الزوج أو مع الأولاد . وهذا ما سنُرَكِّز عليه في برنامجنا هذا وحديثنا الآن عن الحوار الزوجي الناجح .
مراحل الحوارات النفسية
أما الحوار النفسي فينقسم إلى : حوار سلبي ، وحوار إيجابي . ومن أنواع الحوار السلبي أن أتهم نفسي فأقول في داخلي : أنا لا أفهم ، أنا غير ناجح . وعندما أتهم نفسي بهذه العبارات فإنني بعد مدة أحطم نفسي أُرَى أنه ليس عندي أي ثقة في نفسي إرادتي ضعيفة وشخصيتي ضعيفة ؛ لأن الحوارات النفسية التي عندي كثيرة وأكثرها حوارات سلبية ، والإنسان يأتيه الإحباط ويكون عنده وسواس ويكون عنده خوف كبير عندما تكثر عنده الحوارات النفسية السلبية .
أما الحوارات الإيجابية فمن أمثلته أن يمدح الإنسان نفسه - ولا مانع أن يمدح الإنسان نفسه - ليس أمام الناس بل بينه وبين نفسه ، ومثال ذلك أنني عندما أنتهي من كتابة هذا البرنامج أقول في نفسي : عافاك الله يا أبا محمد ، ، جزاك الله خيراً ، هذا خير مجهود . جرِّب أن تعزم نفسك وتدفع أنت عن نفسك ، إذا عمِلْتَ تصرفاً حسناً أو موقفاً طيباً كافئ نفسك وأَسْعِدْ نفسك فامدحها ؛ كل هذه الأمور ستؤثر على نفسية الإنسان فتزيد في عطائه وتزيد في تنميته وتزيد في تطويره ، فالحوار النفسي الإيجابي يقوي الإرادة ويعزز من وجود الثقة بالنفس ، يجعل الإنسان مرتاحاً يجعله راضياً عن نفسه وبالتالي يبدأ ينطلق في هذه الحياة .
ولذلك كان النبي يوجهنا إلى ضبط اللسان وخصوصاً في الحوار الخارجي ، ولا مانع أن يُفَسَّر هذا الحديث حتى في الحوار النفسي لأن الإنسان لا بد أن يتفاءل بالخير حتى في عباراته حتى في ألفاظه حتى في كلماته ، وهذه قضية مهمة جداً ولذلك قال النبي : (( رُبَّ كَلِمَةٍ يُلْقِيهَا ابْنُ آدَمَ لا يُلْقِي لَهَا بَالاً فَتَقَعُ فِي رِضْوَانِ اللهِ فَيَرْفَعُهُ بِهَا دَرَجَاتٍ فِي الْجَنَّةِ ، وَرُبَّ كَلِمَةٍ يُلْقِيهَا ابْنُ آدَمَ لا يُلْقِي لَهَا بَالاً فَتَقَعُ فِي سَخَطِ اللهِ فَتَهْوِي بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ )) . ولذلك النبي مسك لسان معاذ t وقال له : (( يَا مُعَاذُ ! هَلْ تَعْرِفُ أَكْثَرَ مَا يُدْخِلُ أَهْلَ النَّارِ النَّارَ ؟ )) . ثم بعد ذلك بيَّن النبي لمعاذ بأن حصائد الألسن هو أكثر شيء يدخل أهل النار النارَ ، نحتاج نحن اليوم إلى إدارة الحوار نحتاج إلى أن نضبط هذا اللسان بحيث يكون الحوار الخارجي حواراً ناجحاً والحوار الداخلي حواراً ناجحاً .
مشاكل وحلول تواجه الإنسان أثناء حواراته النفسية قصة ( أبو ) شنب
أبو شنب هذا رمز وليس حقيقة ففي آخر دورة أعطيت فيها ( الحوار الزوجي الناجح ) كنت أسأل المشتركين وكانوا رجالاً ، فقلت : أنا أريد أن أروي عليكم قصة فماذا نسمي هذا الشخص ؟. أحدهم قال : نسميه أبا عبد الله . فقلت له : لا ، دعنا من الأمثلة الواقعية بل أعطونا اسماً خيالياً . قال أحدهم : نسميه أبا فندال ؟. وقال آخر : دعونا نسميه أبا شنب . أنا أعجبني الاسم فقلت له : حسناً لنقل لكم قصة أبي شنب . ولذلك أحببت أن أتكلم عن قصة أبي شنب حتى تكون قصة أبي شنب ماركة مسجلة .
أبو شنب رجل يعمل في الجيش وأربعة وعشرون ساعة وهو مشغول عن زوجته حتى في عطلة الأسبوع الخميس والجمعة يخرج مع أصحابه إلى البر أو البحر ، في يوم من الأيام سمع أحد الأشرطة التي تكلمتُ فيها عن المصارحة الزوجية وعن فهم النفسيات وعن تنمية الحب ، فبدأ يقول عن نفسه : أنا أين وأبو محمد أين ؟! لا وربي لأخصصن الخميس والجمعة هذه لأم شنب . وفي ذلك اليوم دخل على زوجته قال لها : يا أم شنب !. قالت : نعم . فقال : الجمعة القادم لك مخصص . فقال له : هل هذا صحيح يا أبا شنب ، والله صحيح ؟!. قال : نعم ، صحيح ، انتهينا ، فالجمعة القادمة لك ضعي البرنامج وأنا تحت أمرك . قالت : هذه هي الساعة المباركة . هذا الكلام يوم السبت والموعد يوم الجمعة بعد أسبوع ولما جاءت الجمعة وأصبح الصباح أخذ يتحدث أبو شنب مع أم شنب وهما يفطران قائلاً : يا أم شنب ! إلى أين تريدين اليوم ؟. قالت : ما رأيك أن نذهب إلى مكان نؤجر فيه شاليه ونجلس على البحر ؟. وهذا المكان يبعد عن بيتهم ساعتان ونصف فقال لها : يا أم شنب ! الطريق طويل ساعتان ونصف ونذهب الصباح ونرجع في الليل على كذا انتهى اليوم . قالت : يا أبا شنب ! أليس اليوم يومي ؟ أنت قلت لي : الجمعة لك . قال : حسناً . ركبوا السيارة ومشوا وبعد ربع ساعة أو نصف وهما يتبادلان الحديث إلا ويدق البيجر ، أبو شنب أخذ ينظر إلى البيجر ، أم شنب بجانبه تنظر إليه بطرف عينها وتقول في نفسها - وهذا نسميه حواراً نفسياً - : ها هل أصحابه يتركونه ، هذا وهو قال لي : إن اليوم يومك ؟!. أبو شنب الآن لم يعمل شيئاً إلا أنه نظر إلى البيجر فقط ثم أعاده وأكملا حديثهما ، بعد نصف ساعة ثانية يدق الهاتف النقل فيرفع أبو شنب التلفون فإذا صاحبه أبو أحمد ، أخذ يتكلم معه في السيارة عشر دقائق يضحك ويُنَكِّت ، أم شنب بجانبه تقول أيضاً في نفسها : لا فائدة بأبي شنب ، هذا وهو قد قال لي : إن اليوم يومك ، بدأناها بالبيجر وثنيناها بالهاتف النقال والله يستر من القادم . يكملان الطريق ويصلان عند الشاليه فيكتشف أبو شنب أن الشاليه الذي بجانبه لصاحبه أبي فيصل ، فيلتفت أبو شنب على أم شنب ويقول لها : يا أم شنب ! خمس دقائق أسلم على أبي فيصل ثم آتي . نزل أبو شنب وذهب إلى أبي شنب وبدلاً من أن يجلس خمس دقائق جلس نصف ساعة كل هذا وأم شنب جالسة في السيارة ، رجع أبو شنب ففتح السيارة واكتشف أن أم شنب في السيارة لم تنزل إلى الشاليه ، اتجه إليها وفتح بابها قائلاً : هيا يا أم شنب انزلي لِنأنس . وهي تنظر إليه بطرف عينها وترفع رأسها ثم تقول له : أبا شنب !. قال : نعم . قالت : أرجعنا إلى البيت . أبو شنب هنا لم يستوعب الموقف ويستغرب ويقول لها : ما بك ، ما البلاء الذي حل بك ؟!. وأم شنب لا تتكلم ، يقول : ما الأمر ؟!. ولا تتكلم ، هنا أبو شنب غضب وبدأ يتكلم ويقول لها : أنت يا من لا تخجلين على نفسك ؛ أنا لي أكثر من ساعتين ونصف في الطريق مضحياً من أجلك لكن أنت وأنت . وبدأ يتكلم ويقول : أنا وأنا وَأنا من أجلك ومن أجل طلبك . غضب أبو شنب أغلق الباب وركب السيارة ورجع وصار يمشي في العودة بسرعة هائلة 160كم ، أبو شنب ينظر إلى الأمام صامتا لا يتكلم وأم شنب تنظر إلى اليمين وبيدها منديل تمسح به دموعها من عيونها وهي تنزل ، تسكت مدة نصف ساعة ثم تقول أم شنب : أبا شنب . يرد قائلاً وبلا التفات : نعم . فتقول له : دعنا نرجع إلى الشاليه . هذه القصة تحدث وهذه نسميها مراحل الحوار النفسي ، والحوار النفسي هنا مر في ثلاث مراحل : المرحلة الأولى : مرحلة الهدوء . عندما دق البيجر بدأت نفسية أم شنب تتكلم : ها ، هؤلاء أصدقاؤك لا يتركونك ، اليوم يومي كيف يكون هذا ، والمرحلة الثانية : الاشتعال . وذلك عندما دق الهاتف الجوال بدأ أم شنب تتحدث مع نفسها تقول : هؤلاء أصدقاؤك تتكلم معهم وتضحك وتتحدث أما أنا فلا تضحك مع ولا تتكلم . أما المرحلة الثالثة : مرحلة الغليان . عندما وصلوا إلى الشاليه لما قال لها : خمس دقائق أسلم على أبي فيصل ثم أرجع . هنا عندما نزل وتأخر عليها بدأت تقول في نفسيتها : هذا أبو شنب وما منه فائدة . هذه المرحلة مرحلة الغليان في الحوار النفسي ولذلك يكون الإنسان عصيباً عندما يكون عنده حوارات نفسية وكلها وصلت إلى مرحلة الغليان ، ولكن لو أردنا أن نسأل سؤال نقول فيه : من المخطئ ؟ هل هو أبو شنب أمْ أُمُّ شنب ؟.
قرأنا فيما مضى قصة أبي شنب والآن مع قصة أم شنب ، أم شنب جالسة في البيت تتكلم بالتلفون وأبو شنب دخل عليها ووجدها مشغولة بالتليفون كثيراً وتضحك مع صاحباتها فسكت ، ذهب إلى غرفة النوم ليبدل وبدأت نفسيته تقول له : ها يا أم شنب ، ترينني آتٍ من العمل تعبان أهكذا تستقبل المرأة زوجها ؟!. هذا الحوار النفسي مرحلة الهدوء ، أبو شنب لبس لبسه وجلس على الغداء وأخذ يتحدث مع أم شنب على الغداء وهذا الكلام في يوم السبت ، في يوم الأحد الساعة الثانية والنصف بعد الظاهر يدخل أبو شنب فيقول : السلام عليكم . يلتفت يمينا شمالاً وإذا بأم شنب ممسكة بالتليفون تتحدث مع أصحابها ، بدأ أبو شنب في حواراته النفسية إلى مرحلة الاشتعال ، بدأ يقول : ألا تفهم هذه عندما نظرت إليها بطرف عيني أن تقوم وتستقبلني ؟! اليوم كذلك كررت نفس الشيء مرة أخرى !. بدأت حواراته النفسية تشتغل ، بدل ملابسه وجلس معها على الغداء والأمور عادية ولا بأس ، في يوم الاثنين دخل أبو شنب وإذا أم شنب تتحدث بالتليفون مع أصحابها هنا أبو شنب وصل إلى مرحلة الغليان ، قال : هذه لا فائدة فيها فهي عملتها السبت والأحد ثم كررتها معي مرة أخرى . فذهب أبو شنب وبدل ملابسه ثم جلس على الغداء وأم شنب معه ككل يوم تتكلم معه : كيف حالك يا أبا شنب ، ما هي أخبارك ، هل أنت مرتاح ؟. وهو يجيبها : جيد ، الحمد لله ، ما فِيَّ شيء ، ما صار شيء . بنبرة مختلفة فنظرت إليه أم شنب مستغربة وتقول له : ما الأمر يا أبا شنب ، ما الذي حل بك ؟!. يجيبها قائلاً : لا شيء فيَّ . فتقول له : أبا شنب ! هل أنا عملت شيئاً خاطئاً ؟!. فيقول لها : اسألي نفسك . تقول له : ما الأمر الذي حل بك ، هل الغداء قليل ملحه أو كثير ملحه ، أنا ما طبخته جيداً ، هل اللحمة لم تعجبك . تبدأ أم شنب تتكلم معه وهو ولا كلمة ، أم شنب لم تشته الأكل بدأت الدمعة تنزل والمناديل بجانبها ثم قامت غاضبة وكذلك أبو شنب قام متكدراً ، بعد نصف ساعة أو ساعة جلسا يشربان الشاي قالت أم شنب : أبا شنب ! ألا تخبرني ما الأمر ، هل هناك شيء في العمل ، أحد أذَّاك ؟!. ينظر إليها أبو شنب بطرف عينه ثم يقول لها : لا ، المشكلة فيك أنت . فترد عليه : ماذا ، المشكلة فيَّ ، ما الخطأ الذي اقترفته أنا ؟! قل لي تكَلَّمْ . فيقول لها أبو شنب : أنا عندما دخلت اليوم وجدتك تتكلمين بالتليفون . قالت وهي مستغربة : حسناً ، ما الخطأ في ذلك ، هذه ليست المرة الأولى التي أتكلم بها في التليفون فما هي المشكلة ؟!. يبدأ أبو شنب هنا يتكلم ويقول لها : أما كنت تتكلمين أمس بالتليفون ويوم السبت كذلك . هنا أم شنب تفهم الوضع أكثر فتقول له : لِمَ لم تتكلم من يوم السبت ، لِمَ أنت ساكت منذ ثلاثة أيام ؟!. يبدأ الحوار بين بعضهما البعض لكن من المخطئ في قصتهما الأولى ومن المخطئ في قصتهما الثانية ؟. أنا في الدورة أسأل المشتركين فتنقسم إجابة المشتركين إلى أربعة إجابات : الصنف الأول يقولون : أبو شنب . والصنف الثاني يقولون : أم شنب . والصنف الثالث يقولون : أبو شنب وأم شنب . والصنف الرابع يقولون : لا أحد فيهما مخطئ . وأنا في الدورة أقول لهم : هنا قاعدة لا بد أن تُحْفَظَ وهي : الكتوم هو المخطئ . ففي القصة الأولى كان الكتوم أم شنب فتكون هي المخطئة ، وفي القصة الثانية كان الكتوم أبو شنب فصار هو المخطئ ، الكتوم هو المخطئ فلماذا نحن نكتم ولماذا لا نخرج ما فينا ، ولو أن أحدنا رجل كان أو امرأة أخرج ما في قلبه لارتاح ، لكن هناك مشكلة تواجهنا وهي أن البعض يطرح هذا التساؤل - وخصوصاً الزوجات - عندما يقُلْنَ : نخشى أن نتكلم بما في قلوبنا فتنقلب حياتنا إلى مشكلة ، أو بعض الأزواج يقولون : لو أنني تكلمت عن كل شيء يعجبني من زوجتي فإنها ستعمل لي مشكلة .
قصة أبي شنب والشاليه وقصة أم شنب والهاتف قصة رمزية أطرحها في الدورات حتى نتعلم عليها ، وبعد ذلك يتعلم كل زوج وكل زوجة كيف يستطيعون إدارة حوارهم النفسي ، أكثر المشاكل الزوجية تكون من كثرة الحوارات النفسية ، وإن كان هناك بعض الحوارات النفسية من المصلحة أن نتكلم فيها لكن بعضها من المصلحة ألا نتكلم ، ولذلك في إحدى المرات كنت أعطي هذه الدورة فبعد ما دربت المشتركات - وكُنَّ نساء - قالت إحداهن : أنت تقول لنا أنه لا بد أن نخرج حوارنا النفسي . لو أنا أم شنب وركبت مع أبي شنب وذهبنا إلى الشاليه ودق البيجر وصار عندي حوار نفسي بأن هؤلاء أصحابه وأن يومنا خَرِبَ ومن المؤكد أن نرجع إلى بيتنا ، لو صار عندي هذا الحوار وأنظر زوجي وأقول له هذا الحوار سيغضب ، وقد يقول : أنا الآن أبحث عن أُنْسِكِ وأخرج بك ونذهب سوياً إلى الشاليه وبعد عشر دقائق في الطريق تقولين : مؤكد أن هؤلاء أصحابي وسوف يخربون علي يومي !. فقالت هذه السائلة في الدورة : أنا لا أفضل أن أخرج ما في قلبي لزوجي . أنا وجَّهت سؤالاً للمتدربات وقلت لهن : ما رأيكم في كلام هذه ؟. بعضهن أخذن يؤيدنها فقلن : كلامها صحيح فالزوج لا نستطيع أن نصارحه في كل يوم . قامت أخرى وقالت : أنا لا أعبر عن حواري النفسي بمثل ما هو ، فإذا كان حواري النفسي يقول : مؤكد أن يومي خرِبَ . فلا أقول لزوجي أن يومي خرِبَ لا ، أنا أخرج ما في قلبي ولكن بطريقة أخرى . فقلت لها : كيف ذلك ؟. قالت : أنا أسأل زوجي : من الذي دق البيجر ؟. فيقول لي : هذا صاحبي أبو أحمد . هنا ينتهي الموضوع فما في قلبي أخرجته . فقالت لها نفس السائلة : هل تعلمين لو أنا قلت لزوجي : من الذي دق البيجر . بماذا يجيبني ؟. قالت : بماذا ؟. قالت : لقال لي : لا شأن لكِ . ما زلت أقول : كلام هذه الأخت واقعي لأن بعض الأزواج هكذا يفكر وهكذا يتكلم في علاقته الزوجية ، وبالنسبة لقول : من الذي دق البيجر ؟. هذا يُعتبر سراً من أسرار حياته ، فبدأت أتكلم في الموضوع وقلت لهن : يا أخواتي ! نحن مشكلتنا في سوء الحوار ، عندما يكون عندنا حوار نفسي كيف أنا أخرج للزوج ؟ هذا يحتاج إلى مهارة يحتاج إلى فن يحتاج إلى تدريب ، نفس الشيء في موضوع الأزواج فأبو شنب عندما دخل إلى البيت ونظر إلى أم شنب ورآها تتكلم في التليفون ماذا يقول لها ؟. لا يُعقل أن يقول لها : اسمعي يا امرأة إذا دخلت مرة أخرى تستقبلينني وتضربين لي تحية سلام . نحن لا نقول هذا الكلام ولا نقول أن يخرج الحوار النفسي بهذا الأسلوب ، هناك أسلوب ذكي أسلوب هادئ فيه أسلوب في حوار طيب ، وليس ضرورياً أن الحوار النفسي يخرج في نفس اللحظة لا ، فأنا إذا صار حوار بيني وبين زوجتي وهذا الحوار نفسي وكان هذا في الصباح فمن الممكن أن أخرجه العصر أو في الليل أو ثاني يوم في الصباح ، لكن أنا لا أكتم لأن عندنا قاعدة تقول : الكتوم هو المخطئ . بما أني أكتم فأنا أخزن وبما أني أخزن فهذا يعني كثرة الملفات ، وإذا كثرت الملفات معنى هذا أنه سيأتيني يوم أنا مع زوجتي سنصل إلى مرحلة الانفجار ، وإذا انفجرنا صارت مشكلة زوجية كبيرة فكيف نتعامل مع هذا الحدث ؟. هذه قضية مهمة ، فالزوجة التي تقول : أنا أخشى من زوجتي إن أخرج كل ما في قلبي أن يقلب لي حياتي إلى مشكلة . نحن نقول لها : من الممكن أن تخرجي ما في قلبك لكن بأسلوب هادئ وبكلام طيب وكلام وأحاديث بينكم فلا تخريجه مباشرة . والموضوع مثل هذا يحتاج أن يتعلم الإنسان مرة ومرتين ولو أخطأ إلى أن يصل إلى أسلوب في حياته الزوجية هو يرتاح منها وزوجته ترتاح منه .
الشُّبْهَ الثانية عند الأزواج فمرة كنت أعطي هذه الدورة للرجال فقال أحد الرجال : إذا زوجتي كل ما أخطأت نبهتها فإن علاقتي الزوجية تخرب ، ولذلك أنا مع زوجتي متبني سياسة . قلت له : وما هي هذه السياسة ؟. قال : أنا متبني معها سياسة : طنش تعش . أي : اخرج ولا تلقي لها بالاً وعش حياتك لوحدك . فقلت له : هذه سياسة خطيرة ، هذه سياسة بعد وقت طويل تفصل الحياة الزوجية إلى حياتين والبيت إلى بيتين والعالم الواحد إلى عالمين ، لأنك الآن أنت تضع حاجزاً ، فلِمَاذا طنش تعش ؟! وَاجِهْ تَكَلَّمْ ، اجلس مع زوجتك وقل لها : أنت في ذلك اليوم تصرفت تصرفاً ضايقني وأتمنى ألا يتكرر مرة أخرى . تكلم معها وليكن عندك حوار ناجح ، إن قلت لي : سوف تغضب . لا بأس لتغضب وسترضى فيما بعد لكن حياتكم وعلاقتكم الزوجية فيها ترابط وفيها حب ، وهل تتوقع أنه يوجد الآن علاقة زوجية بدون اختلاف وبدون مشاكل ؟. مستحيل ولا يوجد زوجان على وجه الأرض لا يوجد بينهما مشاكل ، أما أن تتبنى أنت سياسة : طن تعش . فهذه بلوى وبالتالي أنت تفصل نفسك عن الواقع الأسري والاجتماعي الذي تعيشه ، بل الصحيح في ذلك أن نحسن إدارة الحوار النفسي بحيث نعبر عنه تعبيراً طيباً ، من الممكن أن تعبر عن حوارك النفسي برسالة أو بنكتة ، ممكن تعبر بضحكة ممكن تعبر بسؤال ممكن تعبر بعلامة تعجب ، ممكن تعبر بقصة ممكن تعبر بإشارة ، هناك وسائل كثيرة يستطيع الواحد أن يحاور فيها الطرف الثاني ويعبر عما في نفسه من حوار نفسي .
هل الحوار لا بد أن يكون بالكلام ؟.
ما رأيكم بهذا العنوان هل الإجابة بنعم أو لا ؟. لو أن زوجاً أطرم تزوج زوجة طرماء فكيف يتحاوران ؟. بالإشارة ، فإذاً الحوار ليس بالضرورة أن يكون بالكلام ، هناك أنواع من اللغات بين الزوج والزوجة ممن الممكن أن يتفاهما عليها ، ولذلك سوف نضرب لكم سبعة أمثلة في هذا الموضوع : المثال الأول : الحوار من خلال الابتسامة . والثاني : الحوار من خلال اللمسة . والثالث : الحوار من خلال الإشارة . والرابع : الحوار من خلال النظرة . الخامس : الحوار من خلال اللباس . والسادس : الحوار من خلال الرائحة . والسابع : الحوار من خلال الرأس . ومن المؤكد أنه يوجد ثامن وتاسع وعاشر لكن هذه أتركها لكم حتى تكتشفونها أنتم في علاقتكم الزوجية .
المثال الأول : الحوار عن طريق الابتسامة . ويتضمن تمريناً يتطلب منا التمثيل ، والتمرين هو : كيف يمكن الزوج أن يعبر عن غضبه من خلال الابتسامة لزوجته ؟. عند ابتسامة الغضب نلاحظ أن الأنف يرتفع قليلاً والحواجب ترتفع ، كما أن النفسية كأنها مرتفعة وفيها تكبر قليلاً فهذه ابتسامة غضب ، ولكن لنجرب ابتسامة الشوق والوله - فالعلاقة الزوجية فيها شوق وفيها ولَهٌ - كأن تبتسم الزوجة لزوجها ابتسامة هو يفهم منها أنها تحبه ، فالابتسامة لغة والابتسامة حوار وهناك ابتسامة الحب وابتسامة الغضب وابتسامة السؤال وابتسامة التعجب فهذه كلها أنواع في الحوار ، وهذه المادة التي اذكرها هي عبارة عن ثلث مادة الدورة ، أتمنى من الكل أن يشترك في مثل هذه الدورات وينمي نفسه في مثل هذا الموضوع .
المثال الثاني : الحوار عن طريق اللمس . فلو جربنا بأن يرفع كل منا يده ، وكي ندخل تمرين اللمس لنجعل اليد اليمنى تلمس اليد الشمال لمسة غضب ثم لنجرب لمسة الحنان ، إذا نجحت فاذهب واعمل اختباراً للطرف الثاني الزوج يعمل اختباراً لزوجته والزوجة تعمل اختباراً لزوجها ، وأما لمسة السعادة وكيف تكون فهي لا تكون باليد وإنما تكون على اليد أو الرأس وكذلك على الخد ، أما يد بيد فلا تكون لمسة سعادة ، هذه كلها لغة كلها حوار لكن ليس بالكلام .
المثال الثالث : الحوار عن طريق الإشارة . وكيف تقول الزوجة لزوجها عن طريق الإشارة: اعتمد واتكل على الله . لنجرب وذلك بأن نقبض أيدينا ونجعل الإصبع الإبهام مرتفعاً ونقول : اعتمد وتوكل على الله . كيف نفهم من خلال الإشارة أن هناك غضب بين الزوجين ؟. عندما نجرب هذا قد لا يكون هناك تقابل مئة بالمئة فقد يعطي الزوج ظهره لزوجته أو الزوجة تعطي ظهرها لزوجها ، أو أن أحدهما يتكلم والآخر يؤشر بيده كأن الكلام لا يعجبه .
المثال الرابع : الحوار بالنظر . كأن يريد الزوج أن يبين لزوجته أنه غضبان فكيف يراها وكيف يكون النَّفَسُ والخد والفم ؟. أو يريد أن يقول لها : أنا أحبك . إلى أين تتجه عيناه أإلى الأرض أم يميناً أو شمالاً ، وأين تكون الحواجب وكيف جسمه ، وهل رأسه مرتفع أو نازل أو في الوسط ؟ . زوج يريد أن يقول لزوجته من خلال النظر : أنا لا يعجبني كلامك . كيف يعبر الزوج أو الزوجة عن طريق النظر بالاستهزاء ؟.
المثال الخامس : الحوار من خلال اللباس . أحياناً الزوج يلبس لباساً أو الزوجة تلبس لباساً فيفهم الطرف الثاني الرسالة ، فالزوجة تعبر عن غضبها من خلال اللباس إذا لبست ألواناً لا يحبها أو ملابس لا يرغبها وهذه رسالة ترسلها الزوجة للزوج ، ونبين من خلال اللباس رغبة كل واحد للآخر .
المثال السادس : الحوار عن طريق الرائحة . نفس الشيء ونفس المنهج .
المثال السابع : الحوار عن طريق الرأس . أعطيت للرجال تمريناً في دورة فسألتهم وقلت : كيف تبين لزوجتك أنك تحبها من خلال حركة رأسك ؟. فقسمت الرجال إلى مجموعات وكل مجموعة بدأت تفكر وفي إحدى الدورات لم تأت أي مجموعة بجواب صحيح ، فقلت لهم : أكثر واحد فيكم من كم سنة وهو متزوج ؟. فقام أحدهم وقال : لي خمس وثلاثون سنة وأنا متزوج . قلت له : خمس وثلاثون سنة ولم تقل لزوجتك : أنا أحبك . عن طريق الرأس ؟!. فقال : هذه سهلة فسوف أكتب في ورقة : أنا أحبك ثم ألصقها برأسي . فبين له أن هذا غير صحيح فالرأس فيه لغة من الممكن أن نقوم بها ، فأنت عندما ترمي برأسك على كتف زوجتك تفهم من هذا الزوجة أنه حب ، ومتى نعبر عن غضبنا من خلال الرأس ؟. وهذا أعطيته لمجموعة من الرجال وهم جيدون فيه وكلهم أجابوا بشكل صحيح ، فقالوا : عندما تتكلم أعطيها ظهري وألف رأسي .
لا يُشترط أن يكون الحوار بالكلام هناك لغة حوار كبيرة بين الزوجين من خلال لغة الجسم من خلال الوجه من خلال الجسد من خلال الإشارات من خلال الابتسامات من خلال كثير من الأمور ، بل هناك لغة كبيرة بين الزوجين من خلال الرسالة من خلال الشريط من خلال اللعبة من خلال الضحكة من خلال الطرفة ، هذه كلها لغة لا بد أن نستثمرها ونحسن أداءها حتى يكون عندنا حوار زوجي ناجح .
مستويات الحوار الزوجي
نحن بدأنا نتكلم عن الحوار الزوجي الخارجي وانتهينا من الحوارات النفسية ويبقى عندنا مستوى الحوار الزوجي ، ولنتخيل سوياً الهرم الموجود في مصر وهو عبارة عن مثلث قاعدته في الأسفل ورأسه في الأعلى ، ولنُقَسِّم في خيالنا هذا الهرم إلى خمس درجات خمسة أقسام خمسة مستويات ، وهذه المستويات هي مستويات الحوار الزوجي الخارجي ، فالقاعدة من تحت : المستوى الأول ونسميه التحية والسلام ، والمستوى الثاني الحقائق ، والتي فوقها المستوى الثالث الرأي ، ثم الرابع المشاعر ، وعند رأس الهرم وهو المستوى الخامس وفي الأعلى الحاجات . ونحن كلما صعدنا إلى القمة كلما كان الحوار الزوجي راقياً ومستواه عالياً جداً ، أقل مستوى من مستويات الحوار الزوجي يكون بالتحية والسلام ، بمعنى أن أبا فيصل يدخل البيت فيقول لزوجته أم فيصل فيقول لها : السلام عليكم . فتقول له : وعليكم السلام . أو يقول لها : مساك الله بالخير يا أم فيصل . فتقول له : يا هلا ويا هلا والله . هذا الحوار هو التحية والسلام وهو أقل مرتبة من مراتب الحوار ، فإذا حياة زوجية ليس فيها التحية فهي مشكلة كبيرة ، ولذلك نحن نتكلم في التحية متى تكون التحية فاعلة ومتى تكون فيها حرارة ولها أثر في الحوار الزوجي ؟. حتى يكون للتحية أثر كبير في علاقة الزوجين يُشترط لها ثلاثة شروط وهي :
الشرط الأول : أن يرافق هذه التحية اللمس . عندما يدخل الزوج إلى بيته فيقول لأم فيصل : مساك الله بالخير يا أم فيصل . فيصافحها أو يُقَبِّلُها أو هي تقبِّله ، وعندما يحدث وداع بين بعضهما البعض يكون هناك قبلة ، ولذل أنا أعجبني تحليل جميل في هدي النبي r حيث تقول عائشة < : (( مِنْ هَدْيِ النَّبِيِّ r أَنَّهُ إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ أَوَّلُ عَمَلٍ يَبْدَأُ بِهِ السِّوَاكُ )) . بعض شراح الحديث يقولون : لعل النبي في ذلك يبدأ دخول البيت مع السلام الْقُبْلَة ، فيجعل الفم طاهراً ورائحته زكية حتى إذا حصل أي اتصال جسدي بينه وبين زوجته يكون اتصالاً مريحاً .
الشرط الثاني : أن يكون في التحية ابتسامة . فلا يدخل الزوج البيت ثم يقول : السلام عليكم . فتقول له : وعليكم السلام . بلا ابتسامة وبنبرة غريبة فهذه علاقة زوجية فيها مشكلة كغضب وغيره ، لكن عندما يدخل الزوج البيت ثم يقول : الله بالخير يا أم فيصل . فتقول : يا هلا ويا هلا . وهي تبتسم هنا يكون فرق كبير ، وعندما كنت في الدورة وأقول لهم هذا الكلام قام أحد الرجال وقال : يا أبا محمد !. قلت : نعم . قال : هل تعلم كيف استقبلتي زوجتي في مرة من المرات ؟. قلت : بماذا ؟. قال : مرة دخلت فقلت : يا هلا ويا هلا يا أم فلان . فقالت لي : يا هلا بالطش والرش - ثم وضعت يدها على بطنها وقالت - والكرش . مثل هذه الطرائف التي تكون في العلاقة الزوجية لا تُنسى ، وهذا الرجل عندما دخل هذه الدورة لم ينسها علماً أنه كل يوم يدخل البيت وكل يوم تستقبله لكن هذه بالذات لم ينسها وانغرست عنده ؛ لأن فيها تميز في التحية وفيها تميز بالسلام ، ولذلك عندما تستقبل الزوجة زوجها وهي تبتسم أو الزوج يودع زوجته أو يستقبلها وهو يبتسم تقوى هنا العلاقة الزوجية والحوار بينهما يقوى فيكونان مقبولان عند بعضهما البعض نفسياً .
الشرط الثالث : نبرة الصوت . كأن يدخل الزوج أبو فيصل فيقول : يا هلا ويا هلا . فتقول أم فيصل : أهلاً وسهلاً . فهذه النبرة كأنها تعبر عن ولهها عليه وعن طريق الحوار ونبرة الصوت بهذه النغمة معناها أنني مشتاق إليك ، ومن نبرة الحوار نفهم ، ومثلما لو قال : الله بالخير . بنبرة غريبة وإن كان يسلم ويحيي لكن نبرة الصوت تعطينا جرساً موسيقياً ، تعطينا لغة يفهمها الإنسان في عقله اللاواعي ، مرة حضر عندي رجل الدورة وقال لي : أنا حضرت عندك في هذه الدورة لأن زوجتي حضرت عندك من شهر وقد تغيرت كثيراً في البيت ، فأحببت أن أتعلم هذا العلم الموجود في الدورة حتى أتغير أنا كذلك . وقال : عندما بدأتَ تتكلم معنا عن التحية علمت بعد ذلك التصرف الذي تصرفته زوجتي . قلت : وما فعلت بك ؟. قال : هي حضرت عندك الدورة من شهر وأنت كلمتهم عن مستويات الحوار الزوجي ، وقلت لهم أنهن لا بد أن يكُنَّ مبدعات في التحية . وأنا عندي ستة أولاد وفي يوم من الأيام حفَّظَتْهُم أنشودة شعراً فِيَّ أنا واستمرت أربعة أو خمسة أيام وهي تحفِّظهم ، دخلت مرة البيت الساعة الثانية والنصف وإذا هي في النصف وثلاثة على يمينها وثلاثة على شمالها ومتجملة ومجملة الأولاد كلهم ، وعند دخولي مباشرة بدؤوا بإنشاد الأنشودة وهي واقفة في النصف وتؤشر لهم ، هذا المنظر لم أنسه في حياتي كلها إلى درجة أنني صرت أحب البيت من طريقتها في التحية والسلام .
المستوى الثاني : الحقائق . وحتى نشرح المقصود بالحقائق نمثل ذلك بقصة أبي فيصل عندما دخل على أم فيصل قال لها : مساك الله بالخير . قال : يا أم فيصل !. قالت : نعم . قال : كأن الجو اليوم حر ؟. قالت : إي والله حر ورطوبة أيضاً . وهذا ما نسميه بالحقائق فقوله : مساك الله بالخير . هذه تحية ، وقوله : كيف الجو اليوم ؟. والله حر ورطوبة . حقائق ، وأما قوله : السلام عليكم ، وعليكم السلام . هذا تحية ، وعند الغداء تقول أم فيصل : بنتي حصة وقعت عليَّ اليوم مريضة ، ذهبت بها إلى المستشفى . فقال : عسى ما شر ؟!. هذه حقائق بمعنى أن شيئاً واقعياً حدث اليوم أو أمس ، والحقائق مرتبة ثانية أعلى من مرتبة التحية فالزوجان أول ما يبدآن بالحوار التحية والسلام ، فإذا كان حوارهما أعلى بالإضافة يكون عندهم الحقائق .
المستوى الثالث : الرأي . دخل أبو فيصل على أم فيصل وقال لها : صبحك الله بالخير . قالت : صبحك الله بالنور . وهذه تحية ، قال : كيف حال الجو اليوم ؟. فقالت : رطوبة وحر . وهذه حقائق ، ثم قال : ما رأيك يا أم فيصل لو أننا في هذا الخميس طلعنا إلى البحر ؟. فقالت له أم فيصل : لا والله يا أبا فيصل الجو حار ، ما رأيك يا أبا فيصل أن نخرج إلى الحديقة ؟. ونلاحظ العبارة ما رأيكَ وما رأيكِ وهذا مستوى أرقى في الحوار وهو أرقى من مستوى الحقائق والتحية .
المستوى الرابع - وهو صعب - : المشاعر . دخل أبو فيصل البيت فقال : السلام عليكم يا أم فيصل . قالت : وعليكم السلام ، يا هلا بالرش والطش . قال : ها يا أم فيصل ما فعلتِ اليوم ؟. قالت : والله ما فعلت شيئاً ، اتصلت أمي بالهاتف وطلبت مني الخادمة فأرسلت الخادمة لها في البيت . هذا نسميه حقائق ، ولو قال الزوج : أنا لا أحب اللون الأسود . الزوجة قالت : لا والله أنا أحب اللون الأخضر . الزوج يقول : أنا لا أحب البيبسي . الزوجة تقول : أنا أحب السفن أب . يقول : أنا لا أحب الطائرة . تقول : أنا أحب القطار . ولو قال : أنا أحبك . والزوجة تقول له : أنا أحبك . ونحو هذه كلها مشاعر وهو المستوى الرابع وفي كل مرة نرتقي إلى أعلى وكلما ارتقينا لكما كان المستوى أصعب .
المستوى الخامس - أصعب مستوى - : مستوى الحاجات . عندما يتكلم الزوجان مع بعضهما البعض عن حاجاتهم الخاصة وما الذي يحتاجه كل واحد فيهم وماذا يريد ، والحاجات إما أن يحتاج الإنسان حاجات فسيولوجية كالطعام والشراب ، أو يحتاج الحب أو الجنس ، أو يحتاج الأمن والحماية ، أو يحتاج الاحترام ، أو يحتاج تحقيق الذات ، الحاجات المشهورة عندنا في العالم هي هذه الخمسة ، الإنسان عندما يتكلم مع زوجته هذا أعلى مستويات الحوار ، ولذلك نلاحظ النبي r في الحديث المشهور مع عائشة < عندما قالت له : (( يَا رَسُولَ اللهِ ! كَيْفَ حُبُّكَ لِي ؟. قَالَ : حُبِّي لَكِ كَعُقْدَةِ الْحَبْلِ )) . وهذا في مستوى المشاعر ، فقالت عائشة : (( يَا رَسُولَ اللهِ ! كَيْفَ هِيَ الْعُقْدَةُ الآنَ ؟. فَقَالَ r : الْعُقْدَةُ كَمَا هِيَ . قَالَ : يَا عَائِشَةُ ! وَاللهِ لا يَضُرُّنِي مَتَى مِتُّ بَعْدَمَا عَلِمْتُ أَنَّكِ زَوْجَتِي فِي الْجَنَّةِ )) . وهذا الأمان والأمن وهو يُعتبر من الحاجات ، فالزوج عندما يتكلم مع زوجته بهذه اللغة وبهذا المستوى من الحوار يعطيها الأمن يعطيها الراحة يعطيها الحب يعطيها الاحترام يعطيها تحقيق الذات وهذا مستوى راقٍ جداً في الحوار ، فالعلاقة الزوجية هنا ناجحة مئة بالمئة والحوار ناجح جداً .
مستويات الحوار موضوع خطير جداً يحتاج منا تدريب وتعليم ، ولا بأس أن نخطئ مرة ومرتين لكن لا بد أن ننمي أنفسنا فيه . والمستويات هنا خمسة وعلى كل شخص أن يحدد نفسه هو مع الطرف الثاني في أي مستوى يقف ، وخاصة أنت - يا من تقرأ هذا البرنامج - أين تقف هل تقف في التحية أو في الحقائق أو في الرأي أو في المشاعر أو في الحاجات ، هل أنت تقف في رأس الهرم أم أسفل ؟، وأحدثك أنت - يا من تقرئين - أين تقفين هل أنت في التحية أو الحقائق أو الرأي أو المشاعر أو الحاجات .
في إحدى الدورات سألت المشتركات وقلت لهن : لتحدد كل واحدة منكن علاقتها الزوجية في أي مستوى . فطلبت منهن أن يضعن القلم على الموقع في الهرم في أي مستوى الأول أو الثاني أو الثالث أو الرابع أو الخامس ، وبدأت أسأل وأقول : ها يا فلانة ! أين ترين نفسك ، وأنت أين ترين نفسك ؟. ونفس الشيء عملت في دورات الرجال ، وفي مرة من المرات قلت للرجال : ارفعوا القلم عالياً عالِياً عالياً هذه الورقة أمامكم والهرم أمامكم أنزلوا القلم على المستوى الذي تراه أنه مستوى الحوار بينك وبين زوجتك . كل الرجال أنزلوا إلا واحد استمر القلم عالياً وعندما رأيته استغربت لكني سكت ، قلت : ربما أنه غير متزوج وقد جاء إلى الدورة ليتعلم فسكت . بدأت أسأل وأناقش وهو ما زال رافعاً القلم ، حتى الموجودون استغربوا في الدورة ، التفت عليه وقلت له : يا فلان !. قال : نعم . قلت : ما بك ، عسى المانع خيراً ؟. قال : لا ، لا بأس . قلت : لِمَ أنت مستمر في رفع القلم ؟! أنزله . قال : يا أبا محمد ! أنا لا زلت أفكر أنا مع زوجتي أين ألا يوجد سادس غير هذه الخمسة ؟. قلت له : وكيف ذلك ؟!. قال : هل تصدق حتى التحية ليست عندنا . فتفاجأت وقلت : هذا شيء جديد أريد أن أضيفه في الدورات القادمة . أنا لم أكن متخيلاً أن بيتاً من البيوت لا يسلمون على بعض فهذه ليست حياة زوجية ، وبعد ذلك اكتشفت أنه في آخر مراحل الطلاق بينه وبين زوجته ، فالظروف أحياناً تحتم على الإنسان فتتغير مستويات الحوار عنده ، فمثلاً بعض من يقرأ وأنا أتكلم معه يظن أنه في المستوى الخامس وعلاقته مع الطرف الثاني متميزة جداً ، لكن عندما تكون لديه مشكلة زوجية احتمال أن الزوجين يقفان عند المستوى الأول فلا الحقائق ولا رأي ولا مشاعر لا توجد مطلقاً ، المشاعر تزيد بعد الرجوع من الغضب أو إذا صار أحدهما مسافراً ، فتغيير ظروف الحياة يؤثر على العلاقة الزوجية ، لكن تبقى قاعدة عامة هناك شيء مستمر هناك شيء ثابت فما هو هذا الأمر الثابت ؟. هذا ما نتناقش حوله .
يبقى هناك سؤال أخير في هذا الموضوع ، فلو أن الزوج في المستوى الثاني الحقائق والزوجة تسبقه قليلاً وتتكلم معه بالمشاعر وهي المستوى الرابع ، بمعنى أن الزوج دائماً حواره مع الزوجة إما تحية أو حقائق لا يأخذ رأيها ولا يعبر عن مشاعره ولا يتكلم بالحاجات نهائياً ، أما الزوجة فعندها تحية وحقائق ورأي ومشاعر ، فهل من الممكن أن تنمي الزوجة زوجها وترفعه درجة وتضعه في رأس الهرم ، وسؤال آخر هل من الممكن أن تنمي الزوجة نفسها ، هل ممكن هذا الزوج نفسه ينمي نفسه ؟. هذه كلها أسئلة إجابتها كلها بنعم إذا كان عند الإنسان استعداد ، وإذا كان عنده رغبة في أن يطور نفسه وينمي نفسه إلى أن يصل إلى أعلى مستويات الحوار .
عُمِلَت دراسة على مستوى العالم في الحوار بين الزوج والزوجة وكان أكثر الناس يقفون عند المستوى الثاني الحقائق ، الحوارات الزوجية أكثرها عند الحقائق كأن يقول : ما فعلتِ اليوم ، ماذا فعلتَ أنت اليوم . انتهى الموضوع ثم وضعا رأسيهما وناما ولا يوجد أي شيء آخر في الحوار ، ولذلك هذه قضية مهمة ، وقد قام أحد الأساتذة ( دكتور ) في الكويت عمل دراسة على خمسين امرأة كم كلمة تتكلم في اليوم وعلى خمسين رجلاً كم كلمة يتكلم في اليوم ، وكانت النتيجة بالنسبة للنساء متوسطهن ثمانية عشر ألف كلمة وأما الرجال فمتوسطهم في اليوم ثمانية آلاف كلمة ، وكنت أحكي لهم قصة في الدورات وأقول : لماذا نحن عندنا أعلى نسبة للطلاق الساعة الثانية والنصف ظهراً ؟. لأن الزوج في العمل من الصباح إلى الظهر ربما صرف خمسة آلاف كلمة ولم يبق عنده إلا ثلاثة آلاف ، وزوجته من الصباح إلى الظهر من الثمانية عشر ألف كلمة صرفت ثمانية آلاف وبقي عشرة آلاف، الزوج يدخل البيت الساعة الثانية والنصف ظهراً وعنده ثلاثة آلاف والزوجة عندها عشرة آلاف ، ولذلك هي تستقبله فتقول : كيف حالك ، ما هي أخبارك ، عساك في راحة ، دقيت بيجر ما رديت علي ، أنت أين كنت أنا اتصلت بك ، أنت لا تسأل عني . وهو كالمصدوم فيقول : حسناً ، أنا ما سمعت بيجر ، ما قلت شيئاً . هو خائف أن يصرف الثلاثة آلاف كلمة وهي كل ما عنده وعسى أن تكفيه إلى آخر الليل بينما هي عندها عشرة آلاف وهذا وقت بدايتها ، ولذلك يكون عندنا إشكالية كبيرة في العلاقة الزوجية في وقت الظهر لأن الزوج يكون في مرحلة عطاء داخل البيت يريد يأخذ لا أن يعطي الزوجة كذلك ، فتكون عندنا إشكالية كبيرة بين الزوجين في مثل هذا الموقف .
مجالات الحوار الزوجي
عندما يجلس الزوجان مع بعضهما البعض بماذا يتكلم ، وما هي الأحاديث التي يتكلم الزوج فيها مع زوجته أو الزوجة مع زوجها فيها ؟. الحوار الزوجي الناجح هو الحوار الذي يتكلم في جميع المجالات ، قد يكون حواراً ثقافياً بين الزوجين أو فكاهياً أو سياسياً أو اجتماعياً أو تربوياً أو اقتصادياً أو نفسياً أو فكرياً أو صحياً أو تعليمياً أو شرعياً .
المجال الأول : الحوار الثقافي . كأن يكون زوج عند معلومات معينة تعلمها أو درسها أو قرأ عنها يبدأ يتحدث مع زوجته عن هذه المعلومات ، والزوجة عندها معلومات تعلمتها تبدأ تتحدث مع زوجها عن هذه المعلومات ، فلو أن شخصاً يقرأ هذه الأوراق وكان لوحده من الممكن إذا ذهب إلى بيته يتحدث مع زوجته عن هذا البرنامج أو الزوجة نفس الشيء وهذا يُعتبر حديثاً ثقافياً ، ومن القصص في الحوار الثقافي قصة حديث في بيت الحبيب محمد r ، يروي الطبراني ~ يقول : " عن عائشة < : (( أَنَّ رَسُولَ اللهِ حَدَّثَهَا بِحَدِيثٍ - وَهُوَ مَعَهَا فِي لِحَافٍ - فَقَالَتْ : بِأَبِي وَأُمِّي وَرَسُولِي يَا رَسُولَ اللهِ لَوْلا حَدَّثْتَنِي بِهَذَا الْحَدِيثِ لَظَنَنْتُ أَنَّهُ حَدِيثُ خُرَافَةٍ . فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : وَمَا حَدِيثُ خُرَافَةَ يَا عَائِشَةُ ؟. قَالَتْ : الشَّيْءُ إِذَا لَمْ يَكُنْ قِيلَ : خُرَافَةٌ . فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : إِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ حَدِيثُ خُرَافَةَ - فَتَعَجَّبَتْ عَائِشَةُ - كَانَ رَجُلاً مِن بَنِي عَذْرَةَ سَبَتْهُ الْجِنُّ وَكَانَ مَعَهُمْ ، فَلَمَّا اسْتَرَقُوا السَّمْعَ أَخْبَرُوهُ ، فَخَبَّرَ بِهِ النَّاسَ فَيَجِدُونَهُ كَمَا قَالَ )) . رواه الإمام أحمد في مسند . ولذلك أصبحت الآن مثلا كما يقولون : حديث خرافة . لأنه شيء لا يصدقه الناس ، والشاهد أن طبيعة الحوار بين الزوج وزوجته لم يكن كلاماً عن قضية اجتماعية أو عائلية بل خرافة قضية ثقافية بحتة ، لكن الغريب في هذا الحديث أن رسول الله r حدثها بحديث وهو معها في لحاف ، أي أنهما كانا في غرفة النوم داخل السرير ومع ذلك كان الحوار الزوجي هنا حواراً ثقافياً فهذا حوار زوجي ناجح .
د. جاسم المطوع