أكّدت المملكة العربيّة السعوديّة في العديد من المناسبات استنكارها وشجبها للإرهاب بكافة أشكاله وصوره، حيث قامت بدور مؤثِّر وفعَّال في حفظ الأمن والتصدي لظاهرة الإرهاب وكذلك قامت باتخاذ العديد من التدابير والإجراءات اللازمة لمحاربة ظاهرة الإرهاب على جميع المستويات المحليّة والإقليميَّة والدوليَّة وبشتَّى الصُّور وذلك من خلال المواجهة الأمنيّة والفكريّة وفرض القيود المالية. كما تؤكد المملكة استعدادها التام للتعاون مع جميع الجهود لمكافحة الإرهاب وتدين وتستنكر الإرهاب أيًا كان مصدره وأهدافه في كافة المحافل الدوليَّة، وأنها على استعداد تام للانضمام إلى الجهود الدوليَّة والإقليميَّة المبذولة لمواجهة الإرهاب مع الإسهام بفعالية في إطار جهد دولي جماعي تحت مظلة الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب بمختلف أشكاله وأيًا كانت صوره وأهدافه لاسيما أن المملكة عانت من هجمات إرهابية في الماضي وعملت منذ زمن طويل على مقاومة هذه الآفة الخطيرة. تلك الهجمات تعددت في أشكالها وصورها ما بين اختطاف وتفجيرات وهجمات انتحارية كانت منها الاعتداء على الحرم الملكي الشريف بمكة المكرمة بتاريخ 1-1-1400هـ الموافق 20-11-1979م.
ويجدر بالذكر أن جرائم أمن الدَّولة وجرائم الإرهاب تخضع من حيث الإجراءات لنظام الإجراءات الجزائية، حيث لا يستثنيها النظام من بقية الجرائم. وفيما يتعلّق بالفصل في جميع المنازعات والجرائم بما في ذلك جرائم الإرهاب، فإن المحاكم تختص بالفصل فيها وفقًا للمادة 49 من النظام الأساسي للحكم، والمادَّة 26 من نظام القضاء، الذي نصّ فيها على أنه (يجوز إنشاء محاكم متخصصة بأمر ملكي بناءً على اقتراح مجلس القضاء الأعلى). وفيما يتعلّق بالترافع عن المتهمين في هذا النوع من الجرائم فإن نظام المحاماة ونظام الإجراءات الجزائية نصً على حق المتهم في الاستعانة بمحامٍ أو وكيل في مرحلتي التحقيق والمحاكمة، وعلى تقديم التسهيلات له، كما جاء في المادَّة 19 من نظام المحاماة والمواد 4، 69، 64، 70، 119 من نظام الإجراءات الجزائيّة. وقد تم إدراج جرائم الإرهاب ـ تنفيذًا لما ورد من أحكام في الاتفاقية العربيّة لمكافحة الإرهاب وفي معاهدة منظمة المؤتمر الإسلامي لمكافحة الإرهاب اللتين صادقت عليهما المملكة ضمن القضايا الكبيرة الموجبة للتوقيف الوارد في القرار الوزاري رقم 1245 وتاريخ 23-7-1423هـ استنادًا للمادة 112 من نظام الإجراءات الجزائيّة. ويجري حاليًّا إعداد نظام لمكافحة جرائم أمن الدَّولة ومكافحة الإرهاب، وهذا النظام لا يزال قيد الدراسة من قبل الجهات المختصة بالمملكة.
د. محمد بن حمود الهدلاء
باحث في الشؤون الأمنيّة والقضايا الفكريّة ومكافحة الإرهاب