يعتبر التغيير في شتى أمور الحياة أمرًا صعبًا لا يوده الكثيرون، والسبب يعود لعادة الإنسان في حب العيش على نمط واحد، والاستقرار سواء كان حسيًّا أم معنويًّا، ولذلك نرى أن أي جزء يتغير في حياة الإنسان وفي نمط عيشه تصاحبه ارتباكات إلى أن يعتاد مجددًا ذلك النمط.
كثير من أمور الحياة تسارعها بطيء أو متوسط، وأغلبها يتغير على مستوى طويل الأجل، مثل التغيير الاجتماعي أو الثقافي، ولكن عندما نتجه للتقنية نجد أن التسارع في التغيير كبير جدًّا، ما يقلل احتمالية التقبل السريع. فبمجرد الاعتياد على تقنية ما نجد أن هناك تقنيات جديدة ظهرت تلغي تلك التقنية التي قبلها، ولهذا السبب نجد أن هناك مرحلة تغيير في التقنية تجب مواكبتها بمرونة عالية وقابلية مرتفعة. حتى على مستوى الإنترنت نجد أن بعض المواقع الإلكترونية عندما تحدث صفحاتها أو خدماتها يتوجس البعض من ذلك التغيير، ولو كان الخيار لهم لبقوا على ما كانوا عليه، ولذلك نرى أن أغلب إدارات المواقع الإلكترونية المحترفة تترك الخيار للزائر في اختيار العرض القديم للموقع أو التحديث للجديد حتى يتلاءم زمنيًّا مع هذا التغيير ويتقبله في النهاية. ما سبق كان على مستوى التغيير التقني الشخصي، أما التغيير التقني على مستوى المنظمات والشركات، فهذه مشكلة أكبر؛ لأن هناك عدة عوامل تسبب مقاومة للتغيير، أهمها إما عدم وضوح الأهداف والمعلومات للتقنيات المتغيرة، أو الخوف من فقدان الاعتبار وضياع لسلطة ما، أو ربما لعدم القدرة على التكيف مع التقنية الجديدة وضياع الخبرة السابقة بسبب أن التقنية الجديدة غالبًا ستلغي ما قبلها من خبرات، ولذلك نجد أن القابلية شبه معدومة في تحول موظفي الشركات أو الجهات الحكومية لتقنيات جديدة، مما يسبب وجود تقنية واحدة سنوات طوالاً دون تغيير.
عادة نجد أن الشباب هم الأكثر قابلية للتغيير لوجود الحماس، وأيضًا لعدم وجود خبرة سابقة كبيرة يُتحسر لفقدانها، ولذلك فإن الطموح للتعلم موجود، ومن ثَمَّ نجد قبولاً لتقبل تقنيات جديدة بعكس المقاومة الموجودة لدى أصحاب الخبرات الطويلة، والمنحصرين في تقنية معينة، ولهذا فإن إيجاد أقسام متخصصة في إدارة التغيير سيكون لها الدور الكبير في تخطي تلك العقبات من خلال دمج مشاركة الموظفين في عمليات التغيير بدءًا من يومها الأول حتى نهايتها؛ لتصبح مشاركة الفرد حافزًا معنويًّا لتقبل أي تقنية جديدة بدلاً من إحلالها فجأة ليبدأ بعدها تذمر الموظفين وبدء ذكر عيوب النظام الجديد واستعراض حسنات النظام القديم. بالطبع، التغيير في التقنية لا يفضل أن يكون سريعًا، ولكن يفضل أن يكون هناك توازن بين التطور التقني المستمر ومواكبة ذلك التطور، ويتم ذلك من خلال إيجاد متخصصين في تقنية المعلومات وباحثين في مجال التقنية قد يفعّلون بعض التقنيات المهمة التي قد تحتاج إليها تلك المنظمات أو الشركات. الموارد المالية المخصصة للتطوير التقني أيضًا هي مهمة في عملية التوازن التقني ومواكبة التطورات التقنية الجديدة، ولهذا اجتماع الموارد البشرية والمالية أمر مهم للتطور التقني الذي لا يمكن أن يُغفل؛ كونه سببًا رئيسًا في الوقت الحالي لتطور أغلب الدول ونموها.
يزيد بن عبد العزيز الطويل
* مستشار في أنظمة المعلومات