كلمة الاقتصادية
هناك ضرورة للتواصل بين الأجهزة الحكومية والمجتمع مع دقة في المعلومات وتبني أفضل الممارسات لتطوير قنوات التواصل وضمان الشفافية، لذا فإن وجود متحدث رسمي عن كل جهاز حكومي، بات من الضروريات في ظل تعدد وتنوع وسائل الإعلام التي يجب أن يتم التعامل معها وفق قواعد وأسس وفهم عميق لدور الإعلام، خصوصاً في التعامل مع خدمات الأجهزة الحكومية للمجتمع، لكن يبدو أن بعض الجهات الحكومية لم يكتسب فيها أحد مهارات التحدث مع وسائل الإعلام المختلفة والقدرة على تحمُّل مسؤولية التصريح ومواجهة الصحافة.
إلى اليوم مضى ما يقارب نصف عام على صدور قرار من مجلس الوزراء يلزم الجهات الحكومية بتعيين متحدث رسمي باسمها يتعامل مع وسائل الإعلام المختلفة، ولم يتم تطبيق هذا القرار سوى في نطاق ضيق جداً، فهناك 13 جهازاً حكومياً لم تعيّن لها متحدثاً رسمياً، وهذا يعكس نقص المهنية في التعامل مع أجهزة الإعلام وعدم التحضير الجيد للتواصل مع المجتمع ومواجهة النقد الإعلامي وما يُنشر من أخبار جيدة، إيجابية كانت أم سلبية.
إن أول خطوة يجب اتخاذها في كل جهاز حكومي يشمله قرار تعيين متحدث رسمي أن ينشئ مكتباً صحافياً وغرفة للعمليات بصفة دائمة تختار فيه الوزارة الأكفاء وترتبط بإدارة العلاقات العامة أو بمكتب الوزير مباشرة، وهو تقدير يرجع للوزير أو رئيس الجهاز، فالمكتب الإعلامي جزء من الوزارة أو المؤسسة الحكومية، وهناك مهارات للظهور الإعلامي يجب اكتسابها، ومتابعة دقيقة لما ينشر في وسائل الإعلام من قضايا تهم الرأي العام، خصوصاً في الخدمات التي تقدمها كل جهة حكومية.
إن المتحدث الرسمي دوره يتجاوز الفكرة التقليدية في الحديث بلغة إنشائية لتملق الجمهور بطريقة بلاغية، فهناك أمر أسمى وأرفع من أن يعبر عنها بلغة المجاملات، لكن بلغة الواقع الذي يكشف عن أداء الجهاز الحكومي ويقبل نقده من أجل نتائج أفضل لأن لبعض الأجهزة الحكومية جوانب قصور، بل مؤشرات فساد لا بد من التقرير باحتمال حدوثها ودور وسائل الإعلام إيصال رسالة المجتمع للمسؤول عن بعض تلك الأجهزة.
إن هناك مهارات أساسية للمتحدث الرسمي تظهر عند التعامل مع الأنباء السيئة التي قد تحدث نتيجة تقصير بشري أو حوادث طبيعية أو فشل في مشروع أو برنامج تنفذه جهة ما، وهي من خصائص وعناصر التحدث المؤثر، حيث يمكن اختصارها في بيان صحافي أو إعلامي لتفادي سعة نطاق المعلومات التي تريد الصحافة الحصول عليها مع عكس ذلك تماما لدى المسؤول الذي يريد الاختصار قدر الإمكان فيما يقدمه من معلومات حول حالة معينة.
لقد تردّدت جهات حكومية كثيرة في التعامل مع فكرة المتحدث الرسمي رغم أنها ملزمة وقانونية وتتعدّى مجرد التفاعل إلى تطبيق قانون الشفافية الذي تريده الدولة في علاقة الأجهزة الحكومية مع المجتمع، كما أن معظم الأجهزة الحكومية ما زالت بعيدة عن اكتساب سمات التواصل الإعلامي مع المجتمع، وما زالت هناك مسافة شاسعة وعقبات تمنع من قبول الفكرة والتعامل معها وفق منظور حديث يعطي لأهمية العلاقة مع الجمهور أهميتها ودورها في واقعنا اليومي.