د. صالح السلطان
قيد المستهلكين يخرج الجمعيات التعاونية لخدمة فئات أخرى، كالمزارعين والصناع.
مع استمرار الغلاء الفاحش منذ سنوات، تعالت المطالبات بتأسيس وتفعيل جمعيات تعاونية بهدف تأمين سلع للمستهلكين بأسعار تقل عما نراه في السوق. تعد تجربة الكويت أقدم وأقرب مثال يقدمه المطالبون.
وطرحت "الاقتصادية" موضوع هذه الجمعيات للنقاش. طرح السؤال التالي في عدد 29 أيلول (سبتمبر) من العام الجاري: هل تنجح فكرة تطبيق الجمعيات التعاونية الاستهلاكية في السعودية؟
درجة النجاح ينبغي أن تركز على مدى تحقيق هدفين: خفض الأسعار وصناعة وظائف للمواطنين.
لنأخذ الأول: خفض الأسعار.
ما (أهم) مصادر ارتفاع الأسعار في أسواقنا، وأسواق كثير من الدول؟
ثلاثة:
1. نفقات تشغيلية عالية.
2. احتكار بائعي جملة أو شركات مصنعة لسلع عليها طلب مرتفع، ما يتيح لهم تقاضي هوامش أرباح عالية من الناس.
3. غلاء عالمي.
أما محلات وأسواق التجزئة للسلع الاستهلاكية اليومية (كالبقالات والسوبرماركات)، فإنها لا تتقاضى أرباحا عالية بسبب شدة المنافسة. ومن يقول بخلاف ذلك فهو جاهل بأوضاع هذه المحلات والأسواق.
ستنجح الجمعيات التعاونية في توفير سلع بأسعار أرخص رخصا واضحا مقارنة بالأسعار السائدة، إذا نجحت في التغلب على مصادر ارتفاع الأسعار. ولكن ذلك لن يتأتى بدون دعم من خارج الجمعية.
مثلا، النفقات التشغيلية. يمكن خفضها بواسطة دعم طرف خارجي عبر أكثر من طريقة. من الأمثلة أن تتحمل جهة أخرى معظم رواتب العاملين في هذه الجمعيات. وهذه نقطة تسجل للجمعيات الافتراضية، إذ قد تنجح في توطين كثير من الوظائف.
مثال آخر، لو مكنت (بضم الميم، أي بالبناء للمجهول) هذه الجمعيات من استئجار أو الحصول على صالات بيع وتخزين بأسعار مخفضة عن أسعار السوق.
بدون ذلك من الصعب جدا على هذه الجمعيات أن تبيع بأسعار تقل بوضوح عما هو سائد.
وللتنبيه، ليس من شأن المقال التطرق إلى كيفية تأسيس الجمعيات، أو علاقة وتأثير هذه الجمعيات في حال قيامها على أسواق التجزئة القائمة.
نقاط عن تجربة الكويت
في الكويت عشرات الجمعيات التعاونية، التي تمتلك عشرات الأسواق المركزية، وآلاف المحلات الأصغر. وتشبه جمعياتها التعاونية المجمعات التجارية لدينا، حيث تضم سوقا مركزيا (سوبرماركت) ومحلات متنوعة. وساعد على انتشارها دعم الحكومة، وأسلوب التخطيط الحضري في الكويت.
تدعم الحكومة هذه الجمعيات عبر أكثر من طريقة، منها توفير أراض مجانية، ومنع النشاطات التجارية داخل المناطق السكنية، وعدم تدخلها في تشغيل هذه الجمعيات. ويلحظ أنه لا توجد في الكويت أو تقل هناك المحلات على ما نسميه الشوارع التجارية بعرض 30 أو 40 مترا. بل تخصص في أطراف الأحياء أماكن للأسواق وتوابعها، بما يسمى مراكز الضاحية.
لا تؤسس الجمعية إلا بوجود مساهمين يديرونها أيضا من خلال مجلس إدارة منتخب.
تساهم الجمعيات في تعويد الشعب على إدارة بعض شؤونه بنفسه. وتعتبر مؤسسات مهمة ضمن بنية المجتمع المدني.
تسيطر الجمعيات على معظم تجارة التجزئة.
لا تحقق الجمعيات أرباحا من المتاجرة وتجارة التجزئة، بل العكس. أكثر الجمعيات حققت خسائر في عمليات التجزئة من بيع وشراء. من أين تأتي أرباح هذه الجمعيات؟ من فوائد الودائع، ومن تأجير المحلات بجانب الأسواق المركزية.
موضوع: هل تنجح الجمعيات التعاونية للمستهلكين في خفض الأسعار؟ 
الأحد نوفمبر 04, 2012 8:25 pm
