المساهمات : 1248 تاريخ التسجيل : 26/09/2012 الموقع : K.S.A
موضوع: موقف الإسلام من الإسـراف الجمعة نوفمبر 09, 2012 11:44 pm
الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى أله وأصحابة، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين وبعد.
فإن الله جل وعلا قال في كتابه العزيز: } والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً، فهذا هو هدي القرآن، أن يكون المسلم وسطاً بين التبذير والتقتير، فهذا هو دين الإسلام لا سرف ولا تبذير ولا خيلاء ولا مظاهر ولا تقتير ولا بخل ولا شح والعياذ بالله، فإن هناك منزلة وسطاً، وهي منزلة الاعتدال في النفقات، الاعتدال في جميع الأحوال في مظهر الإنسان ومسكنه وملبسه ونفقاته ومركبه وجميع أحواله، ولهذا جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ( كل واشرب وتصدق غير سرف ولا مخلية)، ولما مر النبي صلى الله عليه وسلم بسعد رضي الله عنه وهو يتوضأ، قال له: ماهذا السرف ياسعد؟! قال: أفي الوضوء إسراف ؟ قال نعم وإن كنت على نهر جار.
وفي القرآن أيضاً: وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لايحب المسرفين فدل أن الله جل وعلا أباح لنا أن نأكل ونشرب لكن في حدود، وليست إباحة مطلقة بل إباحة مراعاة بعدم السرف وعدم البذخ وعدم التبذير.
ومن المؤسف الآن أن كثيراً من مظاهر المسلمين وأحوال المسلمين ظاهر فيها السرف والتوسع والكثير جداً، ولا سيما في الحفلات والولائم والدعوات وحفلات الزفاف، وما إلى ذلك من الأمور التي أثقلت كاهل الأمة، وسببت للناس مشاكل كثيرة وهي:
أولاً: مخالفة لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ولما جاء به هذا الدين الإسلامي.
ثانياً: هي مؤذية للكثرة الكاثرة من أبناء هذه الأمة الإسلامية.
فبينما المطلوب منا أن نتعاون وأن نيسر الطرق لإخواننا المسلمين ولا سيما لشبابنا في أمور الزواج ونفقاته وحفلاته، وما إلى ذلك من الأمور، فإذا بالأمور تتزايد عندنا وتتسع وتتضخم، ونرى الكثير يؤثرون ويفصلون المظاهر والسرف والبذح وعدم التوسط والاعتدال في النفقات وفي الحفلات، وهذا إلى جانب أنه آذى الكثيرين من إخواننا كما تقدم، فإنه أيضاً عطل مسيرة الزواج المشروع، في حين أننا أمة مسلمة مدعوة إلى أن ترغب أبناءها من الجنسين في الزواج، لأن مصالح الزواج لا تخفى على أحد فكما أن الرجل محتاج إلى المرأة فالمرأة أيضاً محتاجة للرجل، وكما أن في حرمان الرجل من المرأة مفسدة عظيمة ومضار كبيرة فكذلك حرمان الفتاة من الزوج فيها مفاسد لا تقدر ولا تحد ولا تعد، ولا بد من التقاء الجنسين، هذا هو مافطر الله الذكور والإناث عليه وهذا هو ماتقتضيه فطرة الخليقة، وهذا هو ماتقتضيه طبيعة الحياة ومسيرتها، فإذا ما تعطل أو عرقل موضوع الزواج الشرعي، فإن هناك وسائل أخرى ربما تكون أو يبحث عنها كبديل للنكاح الشرعي.
وهناك شيء آخر وهو أن البعض من أبناء هذه البلاد حينما يرون المظاهر ويرون الحفلات والتكاليف الطويلة العريضة التي لا أول لها ولا آخر، ربما يضطرون للبحث عن زوجة من جهة أخرى، وهذا أيضاً مضر، لأنه قد لا يحصل على الزوجة المرضية الخلق والدين وغير ذلك من الأمور، وقد لا تتفق مع أسرته ومع أهله ووالدته لاختلاف الطباع والبيئه، ثم يفشل الزوج ويترتب للشباب من المصاعب والمتاعب والتكاليف الشيء الكثير الذي نحن في غنى عنه، ولسنا معذورين في أن نضطر إخواننا وأبناءنا إلى أن يبحثوا عن مثل هذه الأمور، بل الواجب علينا أن نتفهم الأوضاع تماماً وأن نسعى إلى مايسهل مثل هذا الأمر وهذا المرفق الهام الذي لاغنى لأحد عنه.
وقد علمنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في موضوع الزواج أعظم النكاح بركة أيسره مؤنة)، والنبي صلى الله عليه وسلم زوج ابنته فاطمة رضي الله عنها بأربعمائة درهم، وأربعمائة درهم لا تزيد عن مئة وعشرة ريالات من النقود الحاضرة الآن، وتزوج نساءه على صداق خمسمائة درهم، وهي أيضاً لا تزيد عن مئة وأربعين ريالاً تقريباً، فأين هذا الصداق النبوي مما نحن فيه الآن من الآلاف الكثيرة والنفقات الباهظة، والشروط العظيمة التي أثقلت كاهل الشباب، وعطلت مسيرة النكاح الشرعي؟
على هذا فإنني أهيب بكل من له كلمة، وبكل من له نفوذ، وبكل من له رأي أن يحارب مثل هذه الأمور، وأن يدعو إلى التقليل منها، وأن يبذل قصارىجهده في تيسير أمر النكاح، ومحاربة ظواهر السرف والبذح والفخر والخيلاء التي هي بدون شك من مظاهر الضعف، ومن مظاهر الشعور بالنقص، لأن أهل تلك المظاهر يحاولون تكميل مايشعرون به من نقص، وهم في قرارة نفوسهم يظنون أنهم لا يعتبرون شيئاً أو لا يعدون شيئاً إلا إذا أكملوا مافيهم من نقص، بتلك المظاهر والحفلات والفخر والخيلاء والتطاول، وبذبح الأموال الطائلة في غير ما حاجة وغير ما سبيل مشروع. هذا وصلى الله عليه وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً
* بتصرف من أحاديث الشيخ صالح بن غصون رحمه الله التي أذيعت في إذاعة القرآن الكريم