نجوى هاشم
لا تعرف لماذا ينتابها إحساس يبدد كل طاقاتها.. وهي التي خططت منذ المساء لصياغة نهارها بطريقة مختلفة.
إحساس يجعلها مبعثرة بين الكسل، وبين عدم فهم ما يجري لها، أو ما يتسرب داخل عظامها.
في البدء تعاملت مع معطيات ما تشعر به على أنه طارئ عابر سيذوب بمجرد تحركها، وتناول فنجان قهوتها المعتاد.
تنتظر قليلاً.. لا تبدو الأشياء التي اعتادت القيام بها مرئية.. تنتظر .. تعاود الانتظار .. تهدأ .. تستجيب لذلك الاحساس البارد والمهدئ داخلها والذي يدفعها إلى الانفصال للحظات مما تشعر به..
لايبدو الأمر سهلاً على الاطلاق.. ولن يتحول هذا الانفصال إلى صدى فعلي لما لم تستطع أن تفسره.. أو تتوقف أمامه..
اعتادت ان لا تستسلم.. أو تتوقف عما اعتادت أن تمارسه كل يوم.. برنامج معتاد.. ليس إلاّ..
الحياة بتفاصيلها اليومية المعتادة.. ليست عالماً مغلقاً.. أو كتاباً يصعب قراءاته.
ما من يوم اعتدتّ عليه سيكون أغلى من ذلك اليوم الآتي.. وما من لحظة سكبت فيها نفسك.. ستأتيك بعدها لحظة لن تحاسبها فيها وهي التي سكبتها من قبل.
تشعر بالبرد .. أطرافها تثلج فجأة .. قمة نوع من الألبسة بل أنواع في مناطقنا الحارة والرطبة لا نلجأ إليها إلاّ في الشدائد.
تكتشف فجأة العلاقة الحميمة بينها وبين الجورب الذي تبحث عنه.. في مدينتها يسمونه الشراب دست فيه قدميها.. شعرت بالدفء.
تدفأت قدماها.. هل انتهى الأمر.. أم أنه لا يزال في بدايته؟ تتنفس ببطء تشعر بالاختناق.. والرغبة في التقيؤ، تتساوى كل الأشياء المؤلمة مع لحظة العدم المفاجئة التي انتابتها.. إحساس طاغ بالاكتئاب.. وترسب ألم لم تستعد له.
ودون تهيؤ أو استعداد تشعر أن العالم بحركته، وصخبه يقبع بعيداً عنها.. بعيداً جداً فتمتلئ إلى حد الفيضان بالتعب.. أم العظام فحدث ولا حرج..
نوع آخر من ذلك التكسير.. الذي تستعيد به مفردات النساء الكبيرات عندما كانت الواحدة منهن تمرض فنسألها ما الذي يؤلمك، أو ماذا يوجعك؟ فتجيب عظامي مكسرة وهو اختصار لما تشعر به، وممن يسارعن إلى الفيكس الدواء السحري لدهن العظام المكسرة وإعادة هيبتها.. ماذا أفعل؟ لقد تعدّى التكسير على عظامي.. وفزعت الحمى إليّ وكأنها تبحث عني منذ زمن. هل حضر الشتاء؟ هل غضبت الأيام لتجود علينا بتكسير العظام؟!
الآن وتفاصيل الحمى والتكسير والبرد الثلاثة تمارس معي ثقافة الاستبداد والدكتاتورية لا أملك القدرة على المناهضة، والثورة وحرفة التواصل مع مفجري الربيع العربي ولكن أملك فقط الرضوخ لهذا الاستبداد الثلاثي والتسامر معه، وتوزيع مسؤوليات الدفاع والثورة على الأردية وكأس الزنجبيل والعسل والليمون، والابتهاج بقسوة الرضوخ وانتظار المرور للدور ببطء..
سلّمكم الله من الانفلونزا وعافاكم..