د. مطلق سعود المطيري
الطبيعة الإنسانية، لن تكون في شكلها الطبيعي إلا عندما تكون بسيطة وتلقائية مهما حاول علماء النفس أن يصوروها لنا بأنها مركب نفسي شديد التعقيد، ومستعصية على الفهم لغير المدرب تدريبا منهجيا حتى يستطيع أصحاب هذا الفهم أن يقدموا تفسيرا لسلوك البشر.. لماذا يكرهون، وكيف يحبون ؟ فمضينا بعدهم لنشغل بساطتنا بتعقيدات المنهج، فلا فهمنا التعقيد، ولا حافظنا على بساطتنا.
واتجه العلم بنا الى دراسة سلوك الحيوان، وكيف يكون وديعاً وكيف يكون شرساً ولماذا ؟ الى أن أصبحت كل معرفة تخرج عن دراسة البهائم والوحوش تطبق نتائجها على البشر لمعرفة سلوكهم الآدمي، فالتجربة على الحيوان والتطبيق على الإنسان، وكلما حاول الآدمي أن يكون آدميا في طبيعته اصطدم بآلاف الدراسات التي تسحبه الى ميدان العلم الذي لا يضع اعتبارا إلا للمنهج الذي اعتمد على أدوات التجريب التي تمسك بالعصاعص والريش، وتعزل النباح عن الكلاب، فرضخ صاحب الفهم لتلك الأدوات التي جعلت منه حيوانا علميا بامتياز، ينبح ويرفس ويزأر ويلوث، ليتماشى مع معطيات العلم الحديث !!.
وإن أردنا أن نتخلص من سطوة منهج تحليل سلوك الحيوان وتطبيقه على البشر، اختلط علينا الأمر، فلا نعلم من أُخضع للتجربة، ومن طبقت عليه نتائجها، الحيوان أم الإنسان، فمن مارس الرذيلة مع محارمه، لا نعرف هل هو حيوان تمت عليه التجربة أم انسان لا يفهم سلوكه الا من خلال فهمنا لسلوك الحيوان؟
ومن التهم بكل دناءة أموال الأيتام، هل له تصنيف خلقي غير تصنيف الحيوانات ؟ بذاءات كثيرة تشكلت في دوائر حياتنا تجعل من تصنيفنا الآدمي أمرا مستحيلا .
الكثير من الدول اليوم اعتمدت تطبيق قانون الكراهية لمعاقبة كل فرد داخل مجتمعاتها تعدى بالأذى على كرامة غيره، وعرض سمعته لسلبية فاضحة، وهو قانون يفسر لنا أن الإنسان لا يكون إنسانا محترما إلا بقانون.
وهل إن تم القبض على الكراهية ومعاقبتها بأقسى أنواع العقاب سيصبح الحب وحده هو الشعور الطليق الذي يكرم كل من أعطاه، أو كل من أخذه ؟ أم أن هذا الشعور المسكين والمسالم يحتاج أيضا لقانون حتى يتم ترويجه بين وجدان ووجدان.
مؤسف جداً أن نبحث عن القانون لنمارس شعورنا الطبيعي، وجميل أيضا أن يكون القانون حاضراً ليحمينا من ظلم الشعور إن كان لا يعبر إلا عن حالة الإقصاء والكراهية.
حالة ارتباك تام في الضمائر والمشاعر لايمكن أن تعبر إلا عن حالة كائن غير آدمي تعلّم أو هكذا أرادوه أن يتعلم أن غرائز الحيوانات هي أفضل حالة يمكن أن يفهم من خلالها طبيعة شعوره نحو الآخر.