بدر بن سعود
اعتمد مجلس الشورى السعودي، قبل أسبوع تقريبا، قرارا يلزم المرأة السعودية بالحصول على بطاقة الهوية الوطنية بمجرد بلوغها سن الخامسة عشرة، وسيكون الإلزام مرحليا ولمدة لا تتجاوز سبع سنوات يتم خلالها تجهيز مقار مناسبة لهذا الغرض، والقرار رفض توصية تطالب بأن تقوم المرأة وحدها بالتثبت من هويات النساء، وأن تستخدم البصمة إذا تعذر وجودها.
اعتقد أن التوصية المذكورة صعبة نسبيا مع سماح بعض دول الخليج لمواطنيها بالتنقل بالبطاقة بدل جواز السفر، وبحكم أن الاختلاف واضح فيما بينها، خصوصا في قضايا المرأة وحقوقها، فقد وصل النساء إلى مقاعد وزارية في البحرين وإلى قبة مجلس الأمة في الكويت، وهن ناشطات ويعملن جنبا إلى جنب مع رجال الإمارات وقطر وعمان في القطاعين الحكومي والخاص، وهناك مجموعة من سيدات الأعمال في السعودية اصبحن «هوامير» من الوزن الثقيل، ولهن كلمة مسموعة وحضور ملفت في الاقتصاد السعودي، وأخريات سيشـاركن قريبا في عضوية مجلس الشورى في دورته السادسة وفي الانتخابات البلدية القادمة، وسيجلسن في نفس مكان جلوس أعضاء الشورى الرجال، بشرط وجود «بارتيشن» أو فاصل يناسب خصوصية المرأة السعودية، وتوجد امرأة بمرتبة نائب وزير في التعليم العام.
النظام الأساسي للحكم الذي صدرت نسخته الحالية في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز ــ يرحمه الله ــ كان حاسما في موضوع الهوية، ونص على أنها حق مكفول للسعوديين والسعوديات، ولم يربط المسألة بالجنس، وأستغرب وجود معارضة ولو بسيطة داخل المجلس ضد إلزام المرأة ببطاقة هوية، فالمخاطر الأمنية والاجتماعية كثيرة، وأهمها إمكانية الاستعانة بالمرأة أو هيئتها لخدمة أهداف الإرهابيين والمتسللين والمهربين، أو استغلال غياب الصورة عن دفتر العائلة في ارتكاب مخالفات أو تجاوزات أخلاقية داخل الفنادق والشقق المفروشة، أو حتى تمثيل المرأة و الكلام باسمها بدون إذنها أو موافقتها في الوكالات الشرعية والمراجعات والزواج.
المرأة ــ بطبيعة الحال ــ ما زالت تطالب بحقوق مساوية للرجل في الدول العربية والغربية معا، وذكرت في مقالات سابقة كيف أنها مستمرة في دفع فاتورة الخروج من الجنة، وفي تحمل تبعات الحكم عليها استنادا لأول مهنة مارستها، ولكنها محليا مكبلة تماما ولا تستطيع القيام بأبسط الأشياء، إلا بمباركة رجال العائلة أو المحارم من أقاربها ومهما كان عمرها، ولا أضيف جديدا لو قلت بأن النساء في السعودية، وفي حالات معروفة، يتحملن مسؤوليات الرجل ويقمن بأدوار القوامة المفروضة عليه دينيا، والاعلام الغربي يستثمر في موضوعات المرأة السعودية لإثبات تفوق النموذج الغربي مقارنة بغيره، ومن الأمثلة ــ طبقا لما نشرته صحيفة «ديلي تلغراف» في 5 نوفمير ــ حصول مطلقة مولودة في السعودية على سكن ومصروفات شهرية مدى الحياة وجزء من ثروة طليقها السعودي بمعرفة محكمة بريطانية، وفي التفاصيل ينقل الخبر رسالة متحاملة عن الرجال في السعودية، من بينها أن المطلق كان دنجوانا في شبابه، وأن الزوجين مسلمان، وفي هذا تناقض، ويلمح بين السطور إلى تصور سيناريو القضية وتداخلاتها لو وقعت في الداخل، وبالرجوع لبطاقة المرأة، لم أفهم الاعتراض على صورتها، رغم أنها موجودة في جواز السفر، إلا إذا كان بدافع الحرص عليها من نظرات السعوديين، وهو يشبه رفض فكرة بيع المرأة لملابس النساء الخاصة مع تركها لاحتكار الباعة الأجانب، وعدم القبول بقيادتها السيارة والسماح لخلوتها بالسائق الأجنبي، ولم يبق إلا أن ترفع سعودية قضية في بريطانيا؛ لأنها لم تحصل على بطاقة هوية وطنية، أو لأن محرمها لم يمكنها من الحصول عليها.