المشاعر المقدسة - وائل اللهيبي:
التلوث البيئي في الحج قضية جديدة لم تطرق أبوابها بشكل واضح ورغم المحاولات الجادة لإيضاح أهم عناصر التلوث البيئي في الحج وإثارة السلبية إلا أنها لم تظهر بالشكل المطلوب، وظل التلوث البيئي في الحج عنصراً هامشياً لا يرقى إلى مستوى الاهتمام لأركان الحج الأساسية كالامن والتنظيم والتفويج والتسكين وراحة الحجيج.
"الرياض" تقف بالقارئ عند محطات وأرقام حقيقية تعبِّر عن هذه المشكلة، التي إن لم تظهر مشاكلها في حينه فهي مستقبلاً معلم بارز من معالم الحج.
فالازدحام والضوضاء والدخان المتصاعد من المركبات والمياه المتسربة كلها تؤدي إلى مسمى واحد وهو التلوث البيئي، فالكثير من الناس لا يدركون مثل هذه القضايا ويعتقدون أنها من التلوث البيئي فقط هي ما تحمله الحاويات من بقايا الأطعمة والمخلفات الناتجة عن الحجاج.
المملكة لعبت دوراً هاماً للتعريف ببيئة الحج من خلال تقارير ومطبوعات ومواد إرشادية تهدف إلى رفع مستوى الوعي البيئي للحجاج خاصة في منى وعرفات، وقد حملت هذه الإرشادات ملاحظات حول تركيز اكاسيد النيتروجين والكبريت الناتج عن عوادم المركبات، والذي يؤدي إلى زيادة نسبة التلوث خاصة في الأنفاق والمناطق شبه المغلقة التي تقل فيها حركة التيارات الهوائية والمزدحمة بحركة السير. وقد أوصت الحجاج والعاملين في المشاعر المقدسة بتجنب الأماكن شديدة الازدحام قدر المستطاع وعدم المكوث داخل الأنفاق لفترة طويلة إضافة إلى اطفاء محركات السيارات في حالة التوقف وخاصة عند التوقف لفترات طويلة. كما نصحت الحجاج بالتهوية الجيدة بالأماكن التي يسكنونها والابتعاد عن الأماكن شبه المغلقة المعرضة لمصادر الانبعاثات.
كما قدمت هذه المطبوعات والإرشادات تحذيراً من أمراض الجهاز التنفسي كالانفلونزا ونزلات البرد، والتي تنتشر في هذه الفترة وبشكل كبير نظراً لكون حج هذا العام يأتي في فصل الشتاء الذي يتميز بتقلبات في عناصر الطقس في صورة سريعة.
ونبهت الرئاسة العامة للارصاد وحماية البيئة حجاج بيت الله الحرام بعدم التجمع في الأودية والمناطق المنخفضة عند مشاهدة السحب الركامية الرعدية خشية السيول الجارفة، وقدمت تعاريف مهمة من خلال مطويات وزعت في موسم هذا الحج قدمت معلومات عن سلوك المسلم في الحفاظ على بيئته والمشاركة في حمايتها والامتثال لتعاليم الدين الإسلامي تجاه البيئة وصون مواردها، ودعت الحجاج إلى احترام بيئة المشاعر المقدسة واحيائها وتركت عناوين وأرقام هواتف للطوارئ للاتصال في حالة حدوث ملوثات بيئية لا سمح الله.
وكانت جمعية البيئة السعودية قد دعت من خلال تقارير إعلامية احترام بيئية الحج والعمل على صونها، حيث أكد مديرها التفنيذي طلال حابس على أهمية صون بيئة الحج، مشدداً على الالتزام لجميع الجهات العامة في الحج بالمعايير البيئية التي تضمن سلامة بيئة الحج والتزام المؤسسات الأهلية العاملة في الحج بكافة التشريعات البيئية وعدم الإفراط في المواد المستخدمة التي قد تشكل عبئاً بيئياً بعد نهاية الموسم.
من جانب آخر تناول الخبير البيئي أسامة باندة قضية الافتراش كعنصر أساسي للتلوث البيئي في الحج فالحجاج الذين يشكلون عبئاً كبيراً على التنظيم وعلى البيئة كونهم يتركون الكم الهائل من المخلفات الصلبة والسائلة، إضافة إلى تعرضهم إلى الأكاسيد الكربونية المسببة لأمراض الصدر والتنفس.
هذا وتقيم أمانة العاصمة المقدسة من خلال إدارة صحة البيئة عددا كبيرا من المحاجر البيئية في المشاعر المقدسة والتي تقوم بضغط هذه النفايات في قوالب حديدية ليتم نزعها بعد موسم الحج والتعامل معها بشكل بيئي يضمن عدم تلويثها للأرض أو للهواء، كما أسهم التنظيم في المركبات الهوائية لهذا العام في الحد من حجم تلوث الهواء سواء من السيارات الكبيرة أو الدراجات النارية والتي كانت هي أيضاً تشكل جزءاً لا يستهان به من التلوث الحاصل في الحج.