ريم السعوي
ويكيبيديا الموسوعة العالمية المعروفة متعددة اللغات، والتي بإمكان الجميع المساهمة في تحريرها، بدأت نسختها العربية في تموز (يوليو) 2003. وهي تابعة لمؤسسة ويكيميديا مؤسسة غايتها نشر المعرفة تأسست في 20 حزيران (يونيو) للعام نفسه. تتخذ من سان فرانسيسكو مقرا لها. ومعظم مشاريعها قائمة على نظام ''الويكي'' وهو نوع من أنواع المواقع الإلكترونية يسمح للزوار بإضافة المحتوى. لويكيميديا مشاريع معرفية شقيقة خلاقة كـ ويكي الأخبار، ويكي الاقتباس، ويكي أنواع، ويكي الكتب، ويكي الأطفال، ويكي الجامعة wikiversity.
والنوع الأخير هو مشروع مخصص لإنتاج و نشر المواد التعليمية (دورات، تمارين، وبرامج تعليمية... إلخ) أي مركز للإبداع واستخدام مواد ونشاطات التعلم المجانية. ويمكن (للجميع) المشاركة في هذا المشروع. حين تصفحته ما زال محتواه قليلا نوعا ما مقارنة بويكيبيديا نفسها، فالمحتوى الإنجليزي يقارب العشر آلاف فقط، تليه اللغات كالدنماركية والفرنسية والإيطالية والبرتغالية وبعض اللغات الأخرى لم تصل سوى للألف، ولا وجود لأي محتوى عربي.
أثناء دراستي في الجامعة كنت أتعب جدا ـــ وغيري الكثير ــــ في الحصول على مراجع وأبحاث من سبقني في التخصص، بالتأكيد أن الأفواج الطلابية التي درست على مستوى العرب قد خرجت بأبحاث كثيرة جدا لكن لدينا أزمة كبيرة في التوثيق رغم سهولة التقنية والاتصال. لا شيء يؤلم العين والقلب مثل منظر أوراق البحوث المتكدسة خلف مكتب أستاذة جامعية أعرف أنه غالبا مصيرها الرف و الغبار، ماذا لو قلل الأساتذة والأستاذات الجامعيين من طلباتهم البحثية خصوصا في مرحلة البكالوريوس وبدأوا بتوجه وتوجيه حقيقي للتوثيق الإلكتروني فيما بين أيديهم من ابحاث سابقة مقابل درجات للطالب لضمان جدية العطاء وتخصيص الوقت له. أتخيل فقط لو نفذت الفكرة من قبل أستاذ جامعي واحد أو أستاذة جامعية واحدة كم ستستفيد الويكيبيديا العربية وكم سيستفيد العرب في كل مكان من عشرات وربما مئات الطلبة الذين يدرسهم هذا الأستاذ الواحد. وحتى في مرحلة ما قبل الجامعية لو بدأ المعلم بإعطاء الطلبة واجبهم أن يطوروا أي بذرة أو ينموها في مقال أو معلومة على الويكيبيديا، فضلا عن فوائد إثراء الموسوعة التي سيستفيد منها الجميع بكل مكان في العالم، فإن لهذه الممارسة بُعد نفسي يعطي الطالب شعور بقيمة وأهمية ما يتعلمه.
لا يكاد أحدنا يبحث عن أي شيء باللغة العربية في ''جوجل'' إلا ويجد مقالة واحدة أو اثنتين وبقية الروابط هي الرابط الأول نفسه منشور ومكرّر تحت مائة منتدى بأسماء غريبة. وحين تبحث باللغة الإنجليزية تكاد تبكي حيرة من ثراء المصادر وتنوعها وتشعبها الكبير. ما دامت العلوم بين أيدينا والجهود مبذولة وموجودة فلم الانفصال عن عالم الإنترنت وليست مثلا هناك عوائق تقنية تستدعي من المدارس أو الجامعات لفتح مواقع تجمع فيها أبحاثها، المواقع عالمية متوافرة وبلغتنا فقط تنتظر منا حراكا صغيرا لنملأها وننشر ما بأيدينا للعالم. قد يخشى أحدهم من مسألة الحقوق الفكرية أعتقد أن هذه محلولة فبمجرد التخرج يمكن من نشر ما قام به من جهد ولو حتى ملخص للأبحاث. أما لو كان الطالب فقط مطلوب منه أن يوثق أبحاث من سبقه فلن تكون هناك أصلا حاجة للسرقة. أؤمن كثيرا بالمبادرات الفردية لأنها تبدأ تنشر ثقافة فردية بالتدريج وببطء يضمن قوة أساسها.