علي الشدي
انتهى موسم حج هذا العام.. وتناولته أقلام الزملاء الكُتاب.. بعضهم يثني على النجاح الذي تحقق.. وبعضهم ينتقد كل شيء، وخاصة أزمة قطار المشاعر.. وفريق ثالث متوازن ذكر الإيجابيات والسلبيات أيضاً.. ومهما يكن فإنه يجب الأخذ في الحسبان.. أن الحاج لن يتمكن من أداء تلك الشعيرة إلا بشق الأنفس حتى لو اعتمد على حملات الخمسة نجوم أو استضافته إحدى الجهات الحكومية.. كما يجب أن نضع في الاعتبار أن إدارة حشد بهذا العدد في مساحة محددة ووقت محدود ليست بالأمر السهل.
ولو وضعت نفسي اليوم مع الفريق الثالث المتوازن لأشدت بحل مشكلة رمي الجمرات التي كانت عنق الزجاجة في الماضي، حيث تدافع الناس ومات بعضهم تحت الأقدام، كما أن توسعة المسعى التي انتهت وتوسعة المطاف المنتظرة خطوات مهمة.. وحلول جذرية نحتاج إلى مثلها دائماً.. ثم نأتي للكفة الثانية وهي القطار الذي لم يكتمل وكانت تجربته في العام الماضي لا بأس بها، لكنه هذا العام شكّل فوضى وتدافعاً سقط خلاله الكثير من المرضى والمقعدين فاقدين للوعي.. بسبب سوء التنظيم وغياب الرقابة الشديدة على الدخول لموقف القطار.. ومهما يكن فإن إدارة الحشود لها خبراء متخصّصون على مستوى العالم ولا ضير من الاستعانة بخبراتهم وخططهم، ويبقى التنفيذ على الأجهزة المحلية بعد تنظيم دورات التدريب المكثفة لأفرادها ومنسوبيها.. وفي تصوري أن فرصة نجاح مواسم الحج القادمة ستكون أفضل لو اعتُمدت أمور مهمة، منها تحديد أعداد الحجاج من الداخل والخارج بكل دقة، وعدم السماح بتجاوز الأعداد تحت أي ظرف من الظروف، وذلك لأن استيعاب المكان مهم جداً، فأنت لا تستطيع أن تدعو في منزلك مائة ضيف، بينما طاقته الاستيعابية نصف هذا العدد فقط .. ومن الأمور المهمة أيضاً إلغاء المساحات الكبيرة المحجوزة لبعض الدوائر الحكومية في المشاعر المقدسة والتوجيه بعدم توسع تلك الجهات في دعوة ضيوف من الداخل والخارج تخصّص لهم المواكب والمسارات ما يسبّب زحاماً في المرور لبقية الحجاج.. ثم هناك عملية الرقابة على أسعار الخدمات والحملات والفنادق لا بد من تشديدها لأن الأمر قد زاد على المعقول وعرّض سمعة بلادنا في الإعلام الخارجي للإساءة، وكأن الحكومة السعودية هي المستفيدة من ذلك، بينما هي تخصّص جزءاً كبيراً من ميزانيتها لتوسعة الحرمين ولخدمات الحجاج والمعتمرين.. وحتى يكتمل مشروع قطار المشاعر لاستيعاب الأعداد الكبيرة من الحجاج يقترح البعض السماح للحافلات وفتح مسارات مخصّصة للمشاة فقط ليسهل الانتقال بين المشاعر لمن تساعدهم صحتهم وقوتهم على السير لمسافات طويلة.. وربما بعضهم لديه الرغبة في ذلك.
وأخيراً: هذه بعض الأفكار الأولية عن موسم الحج الذي كان حديث المجالس والإعلام خلال الأسبوع الماضي وبشكل غير مسبوق.. ويقيني أن الجهات المختصّة ترحب بكل الأفكار والملاحظات وترصدها لكي تتم الاستفادة مما يمكن أن يُستفاد منه لمقابلة هذه الأعداد الكبيرة من الحجاج في كل عام والقيام بواجب خدمتهم بشكل أفضل.. وهو هدف هذه البلاد التي شرّفها الله بذلك قيادة وشعباً.