نجوى هاشم
أول ما تبادر إلى ذهني سؤال هل ذهبتِ إلى الطبيب النفسي؟ لم يصدمها السؤال، ولكن صمتها كان الاجابة... تشتكي من ضيق يثقل عليها، وضغوط حياتية متعددة وعدم رغبة في العمل، وحالة عصبية مستفزة تضر بمن حولها، تشتكي من ضغوط عصبية، غيرت عليها الحياة المعتادة، ومشاكل متعددة أصبحت تدخل فيها دون أن تعرف السبب، تشعر أنها مريضة، وقد راجعت عدة أطباء واتضح انها لا تشتكي من شيء، لجأت كما أشار عليها من حولها، وكما يؤمنون إلى الشيوخ، وليس شيخاً واحداً، كما أعرف، من أجل ان تحصل على العلاج، ولكن لم تتحسن الحالة على الأقل لمن حولها، هي ترى أنها تتحسن ببطء كلما قرأ عليها الشيخ الجديد.
سألتها ولم أحاول هز قناعاتها التي ترتكز على الذهاب إلى الشيخ كلما آلمها رأسها، أو كلما شعرت بتوعك، فالسبب هنا هو العين عين فلان، وفلانة، ومن اعتادوا على عدم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عندما يلتقوها، انغمستْ في دوامة عيون الناس، حتى وإن لم تلتق أحدهم فلربما بالايحاء قد تسبب في وحيها.
تقول: أتحسن عندما اذهب إلى الشيخ لكن أعود للتعب، لم تتوقف أمام الأسباب التي أدت إلى تعبها، لم تناقشها، والحقيقة التي تحيط بها تقول ان حياتها سلسلة من المشاكل مع الزوج، عدم استقرار، عدم حل مباشر للمشكلة، تعقد الحياة اليومية، مسايرة للضغوط وعدم التخلص منها. تحميل نفسها أكثر من الطاقة رغم عدم قدرتها على التصدي لمثل هذه المشاكل، العجز التام عن فهم ما تشعر به والوصول إلى حقيقته، والانغماس التام في دائرة ضغوط مفتوحة لا يُعرف متى يتم الخروج منها، يضاف إلى ذلك توقف التعلم، أو الاستفادة من خبرات الآخرين للتصدي بفعالية لما تشعر به.
ولكن الأهم من ذلك إحساسها المفرط بتعاظم أدوار الحياة وعدم قدرتها على التعامل معها فهي أم وزوجة وموظفة، ولها علاقات اجتماعية، وظروف نفسية ومشاكل، ومطالب، وحقوق، ومع ذلك لا تستطيع ان تدير أياً منها، فكيف لها أن تدير كل الأطراف وتحقق النجاح فيه، رغم أنها لو توقفت لاكتشفت أن كل إنسان لديه هذه السلسلة داخل دائرة حياته اليومية؟
بعد صمتها سألتني بهدوء.. ماذا سيفعل لي الطبيب النفسي؟ وماذا سأقول له؟ هل أقول إنني اشعر بضيق فقط؟ أو أقول إنني لا أعرف سبب ما أشتكي منه؟
هي تعرف جيداً ان النظرة قد تغيرت نوعاً ما في فهم طبيعة الطبيب النفسي والتي لم تعد ترتكز على مفهوم أن من يذهب إليه مجنون، أو مضطرب، أو معرض للجنون، وأن كثيراً ممن تعرفهم قد يذهبون، ولكن قد لا يطرح أحدهم ذلك، أو يكشف عنه: لكن ما هي الأعراض التي من الممكن أن تصاب بها لتلجأ إلى الطبيب النفسي كما يقول استشاري أمراض نفسية:
- عندما تشعرين بالخوف الشديد بدون سبب، وتنتابك الرغبة في البكاء، ويتسرب إليك يأس من الحياة، وتراودك أفكار عدوانية تجاه نفسك أو الآخرين..!
- عندما يصبح طعم الحياة مراً، وطعم العسل خلاً، وطعم الزواج السعيد علقماً..!
- عندما تشعرين بالألم في رأسك وجسدك، أو معدتك، ولا تستجيبين للعلاج العضوي..
- عندما تشعرين انك مجرمة يجب ان تعاقبي على ذنب وهمي أو ذنب حقيقي تافه من صغائر الذنوب.
- عند المعاناة من فقد الشهية للطعام، والكلام، والسلام، ونقص في الوزن أو زيادة غير عادية فيه.
- عند الخوف بشكل غير طبيعي من ركوب الأسانسير، أو صعود الأدوار العليا أو الذهاب إلى السوق، أو حفلة مزدحمة..
- عندما تراودك فكرة ترك بيتك وعملك والهروب من الجميع..!
- عندما تتمنين الموت أو تسعين إليه وتظنين أنه الحل لجميع مشاكلك..!
- عندما تعتقدين انك أضعف وأفقر إنسانة في الوجود..!
- عندما تتصورين أنك تعانين من مرض خطير رغم سلامة فحوصاتك الطبية!
- عندما تسمعين أصواتاً لا يسمعها غيرك، أو تشاهدين صوراً لا يراها من حولك.
- عندما تعتقدين انك أجملل وأعقل إنسان في الدنيا..!
- عندما تشعرين أنك وحيدة، وهمك فريد.. وزهقك شديد، ورأسك عنيد، ورأيك غير سديد.
وأخيراً عندما تغسلين يديك أو تكررين الوضوء أكثر من عشر مرات في المرة الواحدة!
عندها اذهبي فوراً إلى الطبيب النفسي ليساعدك على استرجاع ابتسامتك والعودة إلى الحياة الطبيعية.. لكن هل تذهب هي؟