د. عبدالعزيز بن علي المقوشي
بعد كل موسم حج. وعمرة رمضانية بشكل خاص يلوح في الأفق قضايا وتساؤلات حول خدمة ضيوف الرحمن، وتتداول رسميا وشعبيا مجالات تقصير، وأحيانا إهمال، وأحيانا أخرى "غش وخداع" واستثمار لتلك المناسبات "استثماراً سلبيا" في بعض الأحيان يضر بالمستفيدين بشكل مباشر ويضر بالوطن وصورته الذهنية بشكل غير مباشر. ومعظم الحديث يدور حول المتسبب في ذلك لتتجه الأنظار نحو مؤسسات الطوافة وحملات الحج والعمرة سواء للمستفيدين منها من الداخل أو من الخارج في كثير من الأحيان وتقصيرها، حتى أن الجهات الرسمية ومنها وزارة الحج تجري تحقيقات رسمية وتفرض عقوبات مالية يمكن وصفها ب"الرادعة" أو "المتساهلة"، لكن النتيجة في نظري واحدة. تتمثل في استمرار "مسلسل التقصير" ولعلّ أقرب الأمثلة لذلك ما تم نشره في وسائل الإعلام، حيث أعلنت وزارة الحج عن معاقبة إحدى مؤسسات الطوافة وحل مجلس إدارتها، والأسوأ من ذلك وهو ما "قد" نغفل عنه أحيانا كثيرة أن ذلك الأثر السلبي يتعدى المستفيد الأول من الخدمة ليؤثر "سلبا" و"بعنف" أيضا في سمعة الوطن الذي يبذل مليارات الريالات خدمة لضيوف الرحمن ثم يفشل هذا الجهد وهذا الاهتمام والعناية بسبب أولئك "الجشعين" الذين يعتبرون مواسم الحج والعمرة "غنيمة" يتلاعبون فيها.
وما دامت المواقع توزع من قبل جهات حكومية، وما دامت "كل" التجهيزات والتسهيلات تتم من خلال الحكومة، ولما يحدثه في كل عام القطاع الخاص الممارس ل"تجارة" الحج والعمرة من خلل، وما يمارسه أيضا من "جشع" يتمثل في ارتفاع باهظ و"غير منطقي" بأسعار الحملات؛ الأمر الذي كان أحد مسببات ارتفاع حجم ونسبة الحجاج غير النظاميين، مما أربك عمليات التفويج وإدارة الحشود البشرية في موسم حج هذا العام، ولأن هذه المهمة يمكن أن تكون مورداً اقتصاديا وطنيا فإنني أقترح أن تتبنى الجهات الرسمية تأسيس "شركة وطنية للحج والعمرة" تتملك الحكومة من خلال أحد صناديقها الاستثمارية 50% من رأسمالها بينما يطرح النصف الآخر للاكتتاب العام ليصبح المواطن شريكا في تقديم الخدمة والاستفادة الاقتصادية منها، كما تكون الدولة الموجه لأداء هذه الشركة والمسيطر على استراتيجياتها وخططها، وفي مثل هذا المشروع في نظري العديد من المزايا يتمثل أبرزها في التالي:
أولا: تحديد أسعار فئات الحج وتصنيف درجاته وفقا لما يقدم من خدمات وبأسعار تتناسب مع قدرات المواطن والمقيم والقادم من الخارج.
ثانياً: ضمان جودة عالية في الأداء عندما تتولى الحكومة الإشراف المباشر على أداء الشركة، ولنا في ذلك أمثلة عديدة حققت مشاركة الدولة في ملكيتها جودة في الأداء.
ثالثاً: توفير فرص وظيفية للمواطنين ذلك أن مثل هذه الشركة ستعمل على مدار العام من خلال برامج العمرة إضافة إلى الموسمين الكبيرين الحج والعمرة الرمضانية.
رابعاً: ستمثل هذه الشركة موردا ماليا للمواطن المكتتب بها كما ستساهم في تنشيط الحركة الاقتصادية الوطنية.
كما يمكن أن تكون مشاركة الدولة في ملكية الشركة جزءا من برنامج وقفي لصالح خدمة الحرمين الشريفين.
أتمنى أن تدرس الجهات المعنية مناسبة تكوين هذه الشركة التي ستبعد عن الوطن "قلق" تعاطي مؤسسات الطوافة وحملات الحج مع الحجاج والمعتمرين.. فهل نرى توجها إيجابيا حول هذا الموضوع. ودمتم.