خالد الشهراني
لا تخلو أي حادثة أو موقف من جانبين أحدهما مشرق والآخر أقل من ذلك، وما حصل في جامعة الملك خالد قبل أسبوعين وما تبعه من تغطيات ومقالات صحافية ليست استثناء من هذه القاعدة. الجانب المضيء في القصة هو تجاوب إمارة عسير التي أثبت قدراً كبيراً من الاحترافية والحكمة في التعامل مع أبناء وبنات المنطقة. أما الجانب الآخر فهو تعامل وزارة التعليم العالي بداية من الوزير وليس انتهاء بمدير الجامعة، الذين لم نسمع منهم أي ردة فعل تواكب ما حدث وتطفئ غضب الطلاب وأولياء أمورهم.
يبدو أنه لا يزال البعض يعتقد أن أي ردة فعل تأتي بعد انفجار الأوضاع هي دليل ضعف، بينما هي في الحقيقة دليل تعاف وثقة بالنفس. درجت مجتمعات الأرض قاطبة على اتخاذ قرارات جريئة بعد أي حادثة تخرج عن حدود الطبيعي فتريح ضميرها وضمائر المتضررين. أي تأخير في اتخاذ قرارات جريئة تتعدى الوعود التي سرعان ما تتبخر ويصعب قياسها إنما يزيد الطين بلة ويوغر النفوس ويقود إلى مزيد من نبش العيوب التي تناساها الناس مع مرور الزمن.
التوسع الذي يعيشه التعليم العالي في السعودية يجب أن تأخذ بزمامه إدارة تواكب المرحلة وتتفهم عقول الشباب وكيفية تفكيرهم. من يولى أمر طلابنا وطالباتنا يجب أن يفهم أنه يتعامل مع جيل جديد بالكلية، يطلع على ما يجري في شوارع سدني شرقاً إلى نيويورك غرباً وما بينهما على امتداد هذا العالم الذي أضحى كالقرية صغيرة في متناول أناملهم الغضة. جيل اليوم لا يقبل أن يشكك أحد في حبه لوطنه ودينه، بل يستخف بمن يفعل ذلك، ولكن ذلك الجيل يفهم أيضا أن هذا لا يعني أن لا ينعم بتعليم جامعي يحترم إنسانيته ويستمع لمطالبه كبقية شعوب الأرض غنيها وفقيرها.
أبناؤنا وبناتنا هم مستقبل هذه الأمة وهم أملنا بعد الله في الارتقاء بوطننا بين الأمم. ولهذا فإن من يسيء إليهم بتصرف أو بسوء إدارة فإنه إنما يقف حجر عثرة أمامهم بقصد أو بغير قصد. يجب أن تستغل مثل هذه الحوادث لتصحيح وضع جامعاتنا وربطها أكثر بمجتمعها المحلي وبخطط التنمية ومشاكلها أيضاً. مجتمعنا أحد المجتمعات الشابة التي قلما تجد مثلها بين أمم الأرض التي شاخ أكثرها فليتنا نلتفت لهم ونتفهمهم بدلاً من التنصل من أخطائنا وإلقاء اللائمة عليهم.