بينة الملحم
هذا وحين استوقفتني تغريدةٌ لأحد مغرّدي تويتر مُعلّقاً على الأمر الملكي بتعيينه وزيراً للداخلية: "سمو وزير الداخلية سيكون من أهم وزراء الداخلية في العالم ..". لم يمضِ على إعلان قرار تعيينه وزيراً للداخلية أربعاً وعشرين ساعةً إِلّا وأحد أهم مراكز الأبحاث الدولية يُخاطِبُني عن رغبته في إعداد دراسة استراتيجية حول تعيينه.. فلا غرابة ومحمد بن نايف أو عُرّاب القضاء على الإرهاب هو شخص الوزير. كانت آخر العمليات النوعية التي قامت بها القوات السعودية في شرورة ضد المتسللين الإرهابيين قاصمة ظهر لتنظيم القاعدة. يحاول التنظيم منذ بدء الثورات العربية أن يعيد مركزيته التنظيمية في السعودية بعد أن فقدها بالضربات الاستباقية القاضية التي امتدت على مدى عقدٍ من الزمن باستراتيجية أمنية متكاملة رسم خارطتها الأمير الراحل نايف بن عبدالعزيز - رحمه الله تعالى- ومساعده ويده اليمنى الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز الذي يتحمّل الآن بكل قوةٍ إرثاً عظيماً كان قد رسمه والده في محاربة الإرهاب، وصدّ المعتدين وإزهاق خلايا تنظيم القاعدة في السعودية.
القوة التي كانت تتمتع بها القاعدة في منتصف التسعينيات وبداية الألفية كانت بسبب حداثة وجودها في السعودية ولم تكن بسبب الضعف الأمني وحاشا. القاعدة لم تكن قوية في السعودية إلا حين بدأت؛ ذلك أن بدايتها كانت غامضة واستعانت بقدراتٍ خارجية وقوى إقليمية.
ذكرتُ سابقاً أنّ تنظيم القاعدة يستغل الأحداث الجارية حول الخليج سواء من خلال الإنفلات الأمني في اليمن، والاضطراب الذي يعانيه جنوبه، أو الفلتان الأمني بسبب الصراع السياسي والتنازع القبلي.. كل هذه العوامل جعلته يستغل اليمن. واستغلاله هذا يعبر عن مؤشرٍ خطير ومفاده أن اليمن أصبح قاعدة للقاعدة، وباتت كل العمليات التي يشنّها أو الضربات التي يطلقها تأتي من هذه البقعة اليمنية، والسلطات في اليمن معروفة ثغراتها بسبب فقر البلد ومحدودية الإمكانات.
القوة الأساسية التي تحارب القاعدة في اليمن هي الولايات المتحدة وذلك من خلال تقنيات الطائرات من دون طيار، وهي التي اصطادت العولقي وغيره، المشكلة الأساسية التي تعاني منها اليمن أن اليمن غير قابلة للعلاج حالياً، فهي تعاني من أمراض يمكن أن نسميها مستعصية على الأقل تستعصي على الشفاء قريباً، لهذا فإن القاعدة وجدت في اليمن موطناً جميلاً لها، وهكذا وجدها من قبل أسامة بن لادن بضربه للمدمرة كول سنة 2000.
الجانب الثاني الذي تريد أن تنفذ منه القاعدة للسعودية الأزمات المحيطة. ليس شرطاً أن تنفذ القاعدة إلى السعودية من دولةٍ حدوديةٍ لنا، بل ربما أرادت تجنيد الشباب السعودي في بلدانٍ مضطربة يمكن أن تستغل سورية، وهي الآن تستغل سيناء، والحدود التونسية - الليبية ليست بمنأى ولا ننسى مالي التي تحكمها القاعدة أساساً، وليبيا التي تتقاسم القاعدة جزءاً من الكعكة السياسية فيها. تعود القاعدة لتتغلغل في الأنظمة السياسية التي أعقبت الثورات.
الأسلحة التي لديهم الانترنت أولها، وتجنيد الشباب ثانيها، ولهذا لايمكن للسعودية أن تسمح بمشاركة السعوديين في معارك الثوار السوريين ضد النظام السوري، وحسناً فعل بعض المشايخ حين منعوا شرعياً الذهاب إلى هناك حتى لا تتكرر مأساة أفغانستان.
معركة الشعب السوري محقة والنظام طغياني فاقد للشرعية لكن كما قالت العرب:"أهل مكة أدرى بشعابها" بل إن الجيش الحر السوري ناشد الخليجيين بعدم المجيء لأنهم لا وقت لديهم للتدريب ولأنهم يشوشون على معركتهم، ولأن الأهالي يخافون من مشاركة الأجانب في معركة وطنية محلية داخلية.
لكل القلقين من موقع السعودية من استهداف القاعدة عليهم أن لا يقلقوا، فمجيء الأمير محمد بن نايف على رأس هرم هذا الجهاز القوي العتيد يعني أن نطمئن، فهو الخبير بدهاليز المُجَنّدين الإرهابيين ومخابئهم، وهو الذي أدّبهم حتى حاولوا استهدافه شخصياً فلم يستطيعوا، لهذا فلا معنى للقلق، بل علينا أن نبتهج ونفرح فالقوة التي لدى الأمير كفيلة بلجم أي تحدٍ من القاعدة وغيرها.
يحِقّ لكلّ سعودي وسعودية أن ينام قرير العين؛ فالطامعون الواهمون لن يتجاوزوا أحلام مخططاتهم في منامهم، والمخربون المجندون لن تخرج محاولات شغبهم عن حدود تويتر في العالم الافتراضي، والقاعدة لن تكون في السعودية مركزاً بل قصارى ما تستطيعه التسلل بأزياء نسائية كما فعلت في الفترة الأخيرة وفي المواجهات التي جرت قبل أيام!
موضوع: محمد بن نايف ... وأهم وزراء الداخلية في العالم! 
الأحد نوفمبر 11, 2012 10:44 am
