د.سليمان بن عبد الله السكران
بداية أعزي مَن قضى في الحادث الأليم الذي تسبّب فيه انفجار ناقلة صهريج الغاز ودعواتي للمصابين بالشفاء العاجل ـــ إن شاء الله.
إن مثل هذه الأحداث المفجعة هي بلا شك قضاء وقدر ولا نملك غير القول بما يرضي ربنا ''إنا لله وإنا إليه راجعون''، ومن ثم فهي ومثيلاتها يجب أن تكون علامة فارقة نحو مراجعة شاملة لكل ما تعلق بهذا الحادث المفجع من أمور شتى كالإجراءات الأمنية التي اتخذت وتدابير الغوث والإسعاف والمرور وما إلى ذلك. وإنني على أمل كبير ألا تمر كحادث في نهاية المطاف الزمن كفيل بنسيانه. ولعل من بين الجوانب التي ينبغي أن تراجع الأمور الاقتصادية المتعلقة بهذا النوع من الصناعة. إننا حين ننظر إلى تأمين الغاز من شركة متفردة في هذا المجال لندرك أن التنافس شبه منعدم تماماً، وبالتالي فليس هناك مجال للإبداع بالقدر التنافسي الذي يضمن الارتقاء بالخدمة المقدمة بالشكل المهني المتسق مع أساليب الاقتصاد الحر، علماً بأنني أثمن للشركة ''شركة الغاز'' جهودها وخدماتها طيلة عمرها المديد وطبيعة المنتج الذي تعمل فيه والذي ربما لا ينطبق عليه المبدأ الاقتصادي المعروف بالتنافس الكامل. ومع هذه الخلفية المتواضعة نظرياً إلا أن هذا المنتج ما زال يوزع بطرق شبه بدائية إما في أنابيب الغاز المعروفة أو في خزاناتها التي تكاد تكون قنابل موقوتة في البيوت والتي هي مدعاة إلى زيادة الخطر. ولذا فأغلبية دول العالم المتقدم منها والنامي، بل مَن هم أقل منا بكثير في تقدمه تضع بنية أساسية لإيصال هذه الخدمة الضرورية بأساليب فنية كفيلة بتقليل المخاطر غير تلك البدائية وذلك عن طريق التوزيع بشبكة شبه مركزية كالماء والكهرباء والهاتف وما شابهها. إن ما يدعو إلى الاستغراب أن مثل هذا الأسلوب الأقل خطراً فيما يبدو ليس في خريطة خطط العقاريين أو المطورين أو حتى الشركة المنتجة، بل ربما لا يوجد مثل هذا الأسلوب في التوزيع إلا ما ندر وذلك في بعض المجمعات السكنية إما الحكومية أو الخاصة.
بطبيعة الحال لن أدخل في تفاصيل التكاليف وأيهما أكثر ربحية سواءً للشركة أو للعقاريين أنفسهم، لكن الأمر يتعلق في الأخذ بالأساليب التي حيث انتهت إليها الدول المتقدمة وتقليدها وذلك تجنباً لما درج عليه - مع الأسف - كثير من أعمالنا وهو منهجية ''إدارة الأزمات'' والذي نطالب دوماً بألا يكون ديدن خططنا وأعمالنا. إن كثرة امتراء هذا الأسلوب ما هو إلا ضعف في خططنا العملية لكثير من أمور حياتنا العملية والاقتصادية، ودليل على عدم وجود أنظمة رقابية كفيلة بتطبيق تلك الخطط بأساليب حديثة تضمن سلامة الأداء وكفاءته فيما يتفق بالتقليل من وقوع شيء اسمه ''أزمة'' أو ''كارثة'' في حين أن هذا الامر أو ذاك لم يكن كذلك إلا بسبب تعاطينا معه بكل تسطيح وتبسيط.