د. فهد الطياش
هل كارثة شاحنة الغاز بالرياض كانت متوقعة؟
اوبالأحرى هل هي جزء من مسلسل قادم؟ وما هي بعض مسببات استمرارية المسلسل؟ وهل نحن بحاجة الى كوارث حتى نسرع بطرح البدائل؟
كتبتُ في هذه الزاوية في العدد 15905 بتاريخ 16 صفر حول موضوع نتائج احتكار بعض الشركات الخدمات المقدمة للمواطن بموجب عقد امتياز ولكنها لم تحسن التعامل مع هذا العقد.
وكان سبب ذلك المقال هوالصراع الدائر بين شركة الغاز الأهلية صاحبة الامتياز، وشركة أخرى قامت بتوريد اسطوانات غاز أكثر أمناً من تلك العبوات الحديدية الناسفة والتي تقوم بتوزيعها سيارات خردة وتحفظ في مستودعات لا تعرف أسس السلامة. وقد نجحت شركة الغاز في منع تلك الشركة من توزيع تلك الاسطوانات الآمنة لأنها تملك حق الامتياز ولا تملك حق التوكيل من المصدر.
كنت أتحدث كمستهلك لا يهمنى من يورد تلك الاسطوانات طالما أنها ستخفف من احتمالية انفجار العبوات التقليدية. وبعد ذلك بدأت إعلانات عن نوع من الصمامات أكثر أمنا من تلك النحاسية على أسطح العبوات التقليدية.
وكان سؤال الناس أنهم ليسوا بحاجة إلى تركيبها فقط، وإنما على الشركة أن تسحب من السوق وبشكل تدريجي الصمامات غير الآمنة وتستبدلها بالآمنة. ولكن الإعلان يوحي بأن على المستهلك تحمل تلك التكاليف. فمن استورد ووزع واستفاد من تلك الصمامات القديمة هو شركة الغاز. طبعا الحديث عن خزانات الغاز الكبرى في المنازل والناقلات التي تتحرك في الشوارع لتعبئتها لا تزال أكثر خطرا، فقد مل الناس من كتاب الرأي وهم يتحدثون عنها.
وربما تعبت الصحف من كتابة التقارير وعمل التحقيقات الميدانية حول مخاطرها. كل هذا يعيدنا إلى المربع رقم واحد وهو إلى متى ستظل تلك الشركات تحظى بالامتياز دون أن تظهر أي حرص على سلامة المواطن والوطن؟
حادث الرياض كشف عن أن الدولة هي الحاضرة في تخفيف المصاب وهي التي بدأت بحصر الأضرار والعمل على تقديم الإعانات ولكن ستبقى التعويضات على المتسبب. فالتقديرات تشير إلى مبالغ بعشرات الملايين الموزعة على المتضررين ولكن صاحبة الامتياز كان الأمر لا يعنيها. فهي لا تسمع لا ترى لا تتكلم. وهي بذلك تثبت أنها كيان فاقد الإحساس وهي تعرف أن صهاريج الغاز توضع بيد غير مسؤولة فالخطوة الأولى يجب أن تسلم هذه الشاحنات لمن يشهد لهم بالحرص والكفاءة والمسؤولية خاصة من المواطنين، وأن لا تترك بيد عابث وافد ينتهي به المطاف في السجن أو المستشفى بعد إزهاق أرواح بريئة. وأن تفصح لنا هذه الشركة وغيرها من الشركات عن مسؤوليتها. وأن تتحرك هذه الصهاريج بمعرفة الدفاع المدني في المنطقة . والأهم من هذا وذاك هو تفعيل الخطط والحلول التي تطرحها الجهات المختلفة ومنها هذه الشركة الربحية لتخليص البيوت من تلك القنابل الموقوتة ، والإسراع أولا بالمحلات التي تستخدمها. فمن يذهب إلى مخبز تميس في أي مكان يجد أن العامل الوافد يخبز بجوار برميل الغاز والناس من حوله في مشهد شبه انتحاري ومحله يفتقر لأساليب السلامة. فمن يلام يا ترى؟
هل هو الباحث عن الخدمة؟ أم من يقدمها؟ أم من قام بالترخيص له ؟ أم من يقوم بمراقبة جوانب السلامة لديه؟
لا نحتاج إلى تقارير خبراء لمعرفة الجواب إنما هو يكمن في منظومة الفوضى الخلاقة!
كان جواب من يسأل عن الفوضى هو: مِن عرفنا أنفسنا وهذه هي الحال وما صار إلا الخير. ولكن مع كارثة الرياض لا نريد أن تستمر الحال مع امتيازٍ لشركات الربح هو رأس أولوياتها وليذهب الجميع إلى حيث ألقت رحلها أم قشعم . والسبب أن فوضى تلك القنابل ستعم المكان طالما أن مسؤولية متابعتها ومعاقبتها هي في أكثر من مكان فضاعت الطاسة.