كلمة الاقتصادية
رسالة الدولة في غاية الوضوح إلى أولئك الذين يحاولون إيجاد أزمة أو فتح ثغرة للصدام ثم التباكي على نتائجها، فليس هناك قضية تستحق ما يثيره بعض السفهاء ممن أغواهم المرجفون بمكاسب يرسمونها في خيالهم المثقل بترسبات التاريخ البعيد وهم يعيشون في الوهم، أما اليوم فإنهم يحاولون صنعه بالافتعال حينا وبالإثارة الطائفية والجدل العقيم فيما لا طائل من ورائه، وإذا كان أصحاب القرار قد حلموا كثيرا، فإن لحلمهم حد ينفد عنده صبر الحليم العاقل البصير بما يجب فعله إزاء كل حدث يمس الأمن، الذي هو مظلة للجميع، لا فرق فيه بين سعودي ومقيم، وبين مسلم وذمي، وبين سني وشيعي.
إن من يقفون خلف حادثتي العوامية وسيهات لا يقدمون لأنفسهم شيئا، كما أنهم لا يقدمون للوطن شيئا، فأولئك قد تصدروا للفتنة وانساقوا خلف شعار المظلمة وهم ينعمون معنا بالأمن والعدالة والخير، بل إنهم يقدمون المزيد من الشفافية عن موقفهم المضاد لمصلحة الوطن والمضاد لمصلحة كل مواطن ومقيم في بلاد الحرمين، كما أنهم يقدمون المزيد من الأعذار للدولة لتكسر الحاجز النفسي في حساسية التعامل مع بعض أشقائنا في الوطن، فبعد حادثتي مركز شرطة العوامية وسيهات لن يقبل من أحد السكوت أو الصمت عن مثل هذه الحوادث.
نعم لقد تسلل أربعة من الملثمين المسلحين على دراجاتهم النارية إلى مركز شرطة العوامية وقاموا بإلقاء قنبلة مولوتوف وإطلاق النار باتجاه المركز، كما قام آخرون بإطلاق النار على دوريتين للأمن في سيهات بالأسلوب والطريقة نفسها، وفي توقيت متقارب، وهما حادثان مختلفان في النوعية والأسلوب ويعكسان وجود تنسيق بين أشخاص عدة للقيام بمثل هذا العمل الذي قد يتكرر في محاولة يائسة لخلق حدث كبير تستهويه تلك العقول، التي باتت أسيرة شق الجيوب ولطم الخدود والبحث عن مأتم يقيمون فيه حفلة لا تنتهي.
إن من يقومون بهذا العمل لن يجدوا من يقف معهم أو يقتنع بسلامة مطلبهم حتى لو فتشوا الأرض شبرا شبرا، فليس هناك قانون أو عرف في الكون يسمح لأحد وفي أي بلد كان أن يطلق النار على مركز الشرطة أو يقتل رجال الأمن أو يتلف الممتلكات العامة أو الخاصة، لذا فإن الحزم معهم أصبح واقعا فرضوه على أصحاب القرار، ومن هنا نتفهم ما ورد في بيان المتحدث الأمني في وزارة الداخلية، حول أن قوات الأمن لن تتهاون مع مثيري الشغب، خاصة المسلحين منهم، وتُحمِّل المسؤولية كلَّ مَن يتستَّر عليهم أو يؤويهم، كما أن لعقلائهم دورا إن صدقوا في الوفاء لوطنهم الذي عاشوا في ظله وعاش في ظله آباؤهم وأجدادهم من قبلهم مؤمنين بمعتقدهم الخاص دون أن يُكْرههم أحد على التخلي عنه أو عدم الظهور تحت عباءته التي باتت تشكيلة من المعيشة في الداخل والولاء للخارج.
إن أحدا لن يُقبل منه ما صدر من أولئك المجرمين في العوامية وسيهات مهما كان انتماؤه أو مبرر فعله، وعليهم أن يفهموا ذلك، فإن تجاوز حد فهمه فإن كل مجرم سيؤخذ بجريرته التي لن يجني من ورائها سوى العقاب الملائم وفق شريعة الإسلام وأنظمة الدولة التي نقف جميعا أمامها متساوين، فلا فرق في التجريم والعقاب بين شخص وآخر. وليعلم أولئك أن مثل هذا الحدث يساعدنا على تشخيص عدونا ومعرفة أسلوبه وكيفية عمله وأقصى ما يستطيع القيام به، ولن يكون أبدا خارجا عن قدرة رجال الأمن في التعامل مع مثل هذا الحدث إن تكرر.