سلمان الدوسري
أما وقد فعلها الرئيس الأمريكي باراك أوباما وفاز بفترة رئاسية ثانية، فإن الباب أصبح مفتوحاً على مصراعيه، ليعوض تردده في العديد من القضايا الرئيسية المعلقة خلال السنوات الأربع الماضية، ولا شك أن الولايات المتحدة باعتبارها أقوى دولة في العالم ينتقل تأثيرها إلى كل شركائها، فما بالك بدول الخليج وهي الدول النفطية التي تعتمد عليها واشنطن اعتماداً رئيسياً في تزويدها بالطاقة، لكن ما الذي يهمنا نحن كسعوديين وخليجيين، وماذا ننتظر من فترة أوباما الثانية؟
أكثر ما يشغل الخليجيين في السنوات الأربع المقبلة من رئاسة أوباما ثلاث قضايا رئيسية:
أولاها: كيف ستكون العلاقة مع الجار اللدود إيران؟ فلواشنطن صيت سيئ في تحويل الصديق إلى عدو والعدو إلى صديق، بالمقابل فإن للخليجيين تجربة بالغة السوء في تناقض الأقوال الأمريكية مع أفعالها، ألم تخالف الإدارة الأمريكية كل تصريحاتها المتشددة مع طهران لتسلمها العراق على طبق من ذهب؟ فهنا من حق الخليجيين أن يتساءلوا: ما الذي يمنع واشنطن من تكرار فعلتها في جزء آخر من الخليج؟
القضية الثانية: متى ستتحرك واشنطن فعلياً لإيقاف نزيف الشعب السوري، فأوباما يرفض حتى الآن اتخاذ أي قرارات فعلية تساعد الشعب السوري على التخلص من نكبته، وتكتفي إدارته بالإشارة من بعيد إلى دعم الثوار دون تحركات فعلية تنبئ بجدية عن إيقاف آلة القتل الجماعية التي حصدت نحو 37 ألف قتيل في سورية، بكل بساطة بدأت واشنطن بفقد مصداقيتها وهي تكيل بمكيالين في الثورات العربية، في الوقت الذي ترى فيه شعوب الخليج أن استمرار القتل في سورية هو أمر يناقض كل المبادئ التي تنادي بها أمريكا ولا تستخدمها إلا في الوقت الذي يحلو لها.
ثالث قضية يترقبها الخليجيون في فترة أوباما الثانية، تتعلق بتصريحاته في خطاب النصر بتحرير بلاده من الاعتماد على النفط الأجنبي، وبطبيعة الحال من حق أي دولة البحث عن مصالحها وعدم ربطها بأيدي الآخرين، وها هي الولايات المتحدة تسعى إلى ذلك بقوة عبر تعزيز استخراج الوقود الأحفوري، ولكن على واشنطن، في الوقت نفسه، الكف عن إثارة العالم على دول الخليج النفطية، بتصريحاتها المبطنة تارة والصريحة أخرى، عن القلق الكبير من عدم وجود الإمدادات الكافية من الذهب الأسود، في الوقت الذي يعرف الجميع أنه لم تتقدم جهة بأي طلبات من النفط الخام، على الأقل من السعودية، وقوبلت بالرفض، بل إن الرياض وعلى مدار هذا العام سعت إلى تهدئة روع العالم من تعثر محتمل للإمدادات، كما أنها عززت شحناتها إلى الولايات المتحدة 20 في المائة في 2012 عن مستويات العام الماضي في أكبر زيادة منذ حرب الخليج.
لا خلاف على أن ثقة الشعوب الخليجية بالحليف الأمريكي لم تعد في أفضل مستوياتها، وبكل تأكيد لن يترقب الخليجيون مفاجآت جديدة من الإدارة الأمريكية في فترتها المقبلة، تضرب في ثقة العلاقة بين الطرفين، ففيما يعتبر الشعب الأمريكي دول الخليج أهم حلفائه لأنها أكبر مورد للنفط لبلادهم، فإن الخليجيين يتخوفون من أن نظرتهم لقوة هذه العلاقة التاريخية بين البلدين قد تتلاشى.