احمد بن جزاء العوفي
تربية الأبناء أمر صعب وشاق ، وهي ليست في غالبها ملكة، وفطرة حتى نعذر من تهاون، وقصر ، وإنما هي رجاحة عقل ، وسداد رأي ، يستطيع كل ذي لب أن يفطن لها ، والخاسر ، من غفل عنها ، أو أوكلها إلى غير ثقة ، والغاية منها ، إخراج جيل صالح ، قادر على القيادة والعطاء ، يحمي نفسه ومجتمعه ، ويعبر بأمته إلى شاطئ الأمان .
فصلاح الأبناء هو رأس المال ، وهو ذخر الوالدين في الدنيا والآخرة ، فإما أن يكون سببا لسعادتهما ، وإما أن يكون سببا لتعاستهما ، فكان الواجب الاهتمام بالتربية ، ومعرفة الأساليب التربوية ، والتي تتفق مع متطلبات هذا الجيل ، بما لا يخالف شريعتنا ، وعاداتنا ، وتقاليدنا .
وتتفق التربية في الأساسيات وفي الغاية منها ، وإن اختلفت في أساليبها بإختلاف الزمان ، فما تربي عليه آباؤنا ، لا يصلح لنا ، وما تربينا عليه نحن لا يصلح لأبنائنا ، وقد قيل (( لا تقسروا أولادكم على آدابكم فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم )) .
وما أجمل الوسطية ، لا إفراط ولا تفريط ، ولكن ( لقد أسمعت لو ناديت حياً ) ، فهناك من لا زال يطبق أساليب لا تتفق مع هذا الجيل ، جيل التقنية ، وثورة الاتصالات , كأسلوب الضرب والشدة والقسوة ، والذي أثبت فشله ، بل له آثار عكسية لا يحمد عقباها ، وهناك من ترك ( الدرعى ترعى ) وأطلق الحبل على الغارب ، وأوكل مهمة التربية إلى الشارع ، والشغالة ، والتلفزيون ، بحجة أن الهداية و الصلاح بيد الله ، وكان من نتاجها للأسف ، فقدهم لهويتهم ، وضياعهم ، وربما انحرافهم، وما علم هذا المسكين ، أن الإنسان مأمور بالأخذ بالأسباب والعمل بها ، وأن من أسباب صلاح الأبناء ، تربيتهم تربية صالحة.
إن القواعد التربوية المستسقاة من شريعتنا هي الأساس ،و إذا اضيفت إليها النظريات التربوية الحديثة التي لا تتعارض مع ديننا وعاداتنا وتقاليدنا ، كانت كفيلة بعد توفيق الله ، بإخراج جيل صالح قادر على القيادة والعطاء.